فضيلةٌ بنصِّ كتابِ الله تعالى بقلم: رضا الله غايتي إذا كانَ الإمامُ علي (عليه السلام) يعلمُ الغيب، فهو على يقينٍ من سلامته عندَ مبيتِه في فراشِ النبيّ (صلى الله عليه وآله)، فأيُّ فضيلةٍ له في ذلك؟ شبهةٌ يُثيرُها بعضُ الحاقدين عليه (صلوات الله وسلامه عليه) هادفين انتزاعَ فضيلةٍ من فضائله، ناسين أنَّه (عليه السلام) منبعُ الفضائلِ ومعدنها! ويُمكِنُ ردُّها بعدةِ أجوبةٍ، ولكن قبلَ ذلك يجدرُ بنا أنْ نؤكِّدَ أنَّ علمَ الإمامِ (عليه السلام) بالغيبِ ليسَ على نحوِ الاستقلالِ البتة، بل هو تعلُّمٌ من الرسولِ (صلى الله عليه وآله)، أو عندما يشاءُ تعلُّمه، فإن الله (تعالى) يعلّمه إلهامًا. والأجوبـــةُ هي: الأول: إنَّ العلمَ بالسلامةِ وانعدامِ الخطرِ لا يُلازِمُ الشجاعة؛ وهو أمرٌ معروفٌ بالوجدانِ والتجربة، ألا ترى أنَّ الإنسانَ يخافُ من المبيتِ مع الميتِ مُنفردًا على الرغمِ من يقينِه التامِّ بعجزِ الميّتِ المُطلقِ عن القيامِ بأيِّ عمل؟! وما ذلك إلا لأنَّ منبعي العلمِ والشجاعةِ مُختلفانِ عندَ الإنسان. الثاني: لا ينحصرُ مصدرُ الخوفِ عندَ الإنسانِ بعدمِ الأمنِ من القتل، بل هناك احتمالُ التعرُّضِ للجرحِ والتشويه والإعاقة. وقد نقلَ لنا التاريخُ تعرّضَه (عليه السلام) لجراحاتٍ عديدةٍ إثرَ رضخِه بالحجارةِ من قِبَلِ مُشركي قُريش. الثالث: وردَ عنِ الشيخِ المُفيدِ: "فأمّا القولُ بأنّه [الإمام] يعلمُ كُلَّ ما يكون، فلسنا نُطلِقُه ولا نُصوِّبُ قائلَه ...."(1) وعليه، فليسَ من المؤكّدِ أنْ يكونَ الإمامُ عليٌّ (عليه السلام) عالمًا بسلامته حين مبيتِه في فراشِ النبيّ (صلى الله عليه وآله). الرابع: فإنْ فرضنا علمَه (عليه السلام) بسلامته ليلتئذٍ، إلا أنّه يبقى مُحتملًا أنْ يكونَ علمُه من لوحِ المحوِ والإثبات، ومن ثمّ يكونُ محكومًا بالبداء. وقد وردَ عنِ الشيخِ كاشف الغطاء: "ولاشكّ أنّهم (سلام الله عليهم) كانوا يعلمون بكُلِّ ذلك [الحوادث الغيبية] بإخبارِ النبيّ (عليه السلام) وحيًا، ولكن يحتملون فيه أنْ يتطرَّقَ إليه البداء، ويكونَ من لوحِ المحوِ والإثباتِ، وأنْ يكونَ ثابتًا خلافُه في العلمِ المخزونِ المكنونِ الذي استأثرَ اللهُ (سبحانه) به لنفسِه فلم يُظهِرْ عليه ملكًا مُقرّبًا ولا نبيًّا مُرسلًا"(2) الخامس: قال (تعالى): "مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ"(3)، أيّ إنَّ بيعَ الإمامِ نفسَه بمبيتِه في فراشِ النبيّ (صلى الله عليه وآله)، مقابل مرضاةِ اللهِ (تعالى) قد وقعَ فعلًا، ومن ثمّ فإنّه (صلى الله عليه وآله) إمّا أنّه لم يكُنْ عالمًا بسلامته من رأس، أو لم يشأ أنْ يعلمَ بذلك، أو كانَ عالمًا بها علمًا من لوحِ المحوِ والإثباتِ المحكومِ بالبداء، أو مُحتملًا ذلك. وعليه، ففضيلةٌ ينزلُ بها قرآنٌ يُتلى آناءَ الليلِ وأطرافَ النهارِ يعجزُ أنْ يخدشَ بها العلمُ بخلافِها مهما اجتهدَ الحاقدون، فضلًا عن الاحتمال والشبهة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) المسائل العكبرية، ج1، ص70 (2) جنّة المأوى، ج1، ص126 (3) البقرة207
اخرىبقلم/نرجس مرتضى الموسوي الجزء الثالث _عمتي اتريدين أن تعلمي لماذا أبكي، لقد مرت امي ووسام مع رجلا لا أعرفه من أمام مدرستنا، ركضت وراءهم ومن شدة فرحتي لرؤيتها ناديت بأعلى صوتي امي ...أمي ... شعرت أنها سمعتني ولكنها سارت مسرعة وكأنها رأت شبحا فولت هاربة، التفت وسام وأشار إلي أن لا أتكلم واذهب بعيدا ثم تحدثت بنبرة منكسرة وصوت يلفه الحزن _عمتي أنت تكذبين علي لقد اخبرتيني أن أبي مسافر ويجب أن تكون امي معه وهي تأتي إلى بيتنا عندما تستطيع وترحل مع أبي لماذا لا أسافر معهم؟ وأين يعيش أخي وسام فهو يأتينا كل يوم ؟ ولماذا لا أعرف ابي؟ حتى انهارت من البكاء عانقتها وبيدها الحنونة مسحت على رأسها وربتت على ظهرها وهي تحدث نفسها _ إلهي ماذا أقول لهذه الطفله المسكينه؟ اني تائهة غارقة في افاق نفسي، افكر في مصير الطفلة المجهول، تشتت حواسي، لكني مجبرة ان انحني لصوت العقل، واكمم فمي فالوقت غير مناسب للافصاح عن الحقيقة، لازالت كغصن طري صغيرة، اخشى ان تكسر ولا تدرك قسوة مواريث الجهل _ حبيبتي سأقول لك كل شيء في الوقت المناسب في النهاية لا بد أن الحقيقة ستظهر كالشمس. مرت الايام بسرعة، أنهت دموع الدراسة الابتدائية وكانت من المتفوقات، العمة ... ذهبت ﻷخي لكي نبدأ بنقلها إلى المدرسة المتوسطة لكنه رفض وبشدة، تشاجرت معه وقلت _ والله لو كنت أملك المال لأدخلتها وتكلفت بكل مصاريفها، لم يكن يسمع لما اقول، قلبه الأعمى جعله أصم اردت الخروج من البيت أحسست بدوار كل ما حولي يدور، سقطت على الأرض. . نقلها أبو عصام إلى المستشفى، رغم أنه كان لا يحب البنات؛ لكن تعلقه بأخته كان مختلف، حبه لها هو الذي جعله يفعل كل ماتريده، ذهب أبو عصام ليسأل عن حالة أخته من الطبيب المختص، ابلغه أن حالتها خطره ولن ينفع معها أي علاج ولكن الله قادر على كل شيء عندما رجع وجد فتاة صغيرة وفي غايةالجمال تجلس بقرب أخته وهي تبكي وتقول - ليس لي غيرك ياعمتي. . لا أعرف ابي. ولا اعلم أين امي. . فلا تتركيني وحدي ارجوك (شعر أبو عصام بالذنب كظم حواسة، بتر جوارحه وجوانحة ،ونحر ومضة الحب الفطري، والتحف بكبريائة، هاربا من مواجة رماح كلمات إبنته البريئة ) أحتضنها زوج عمتها _ لا تبكي ياحبيبتي سوف تكون بخير دخلت الممرضة واخرجتهم من الغرفة وعندما ابتعدا قليلا عن الغرفة، استأذن أبو عصام من الممرضة لرؤية أخته قالت له على شرط أن لاتتحدث معها لأن حالتها خطرة، هز رأسه موافقا دخل وأمسك يد أخته قبلها اغرقها بدموعه التي خرجت بلا ارادة منه _ اختي الغالية لم يكن لي في هذه الدنيا غيرك فأنت صوت ضميري الذي كان يحاسبني على أخطائي ،وانت الجانب المضيء من حياتي المظلمة، لقد جعلتني الحياة اقطع قلبي وارميه في القطب الشمالي حتى تجمد، ولكنك كنت النبض الذي يجعلني أشعر به رغم تصحر مشاعري.. فتحت العمه عينها وأمسكت يده بقوة وقالت بصوت خافت وانفاس متقطعة _اخي الغالي بحق حبك لي لا تترك إبنتك دموع وحيدة في هذه الدنيا، عدني ان تأخذها لتعيش معكم، كانت هذه كلماتها الاخيرة، وفارقت الحياة. يتبع .....
اخرىبقلم/نرجس مرتضى الموسوي الجزء الثاني العمة .... عندما عدت إلى البيت وصلتني رسالة من أم عصام عمتي الغاليه لقد هددني أبو عصام أن أنجبت بنت سيطلقني، ويحرمني من أولادي، ويعطي الطفلة إلى دار الأيتام، ولكن الله استجاب لدعائي ووافق أن يعطيها لك، فأنا أعلم انك ستحبيها كأنها ابنتك، وسوف اشعر انا بالراحة والأمان على ابنتي؛ لأنها بأيدي أمينه قبلاتي ﻷبنتي دموع. دموع طفلة هادئة كنت بمجرد أن أضعها بين أحضاني تغرق في غياهب النوم، لقد احبها زوجي، وشكر الله على نعمته، وكان يعتبرها كأبنته ،ومن الطبيعي إنه ذهب وحاول أن يقنع أخي أبو عصام بأن تعيش دموع في أحضان أمها لكنه رفض وتشاجرا ورجع متألما على حال هذه الطفلة التي لا نعرف ماذا سيكون مصيرها. من حسن الحظ أن مدرسة وسام كانت قريبة من بيتنا كان يمر علي كلما خرج من المدرسه، ولكن في هذه المره سمعت الباب تطرق بسرعه وبصوت عالي ذهبت مسرعة _من _انا وسام ياعمتي افتحي الباب بسرعة _نعم يانور عين عمتك ماذا حدث هل انتم يخير؟ _نعم ياعمتي لكني هربت من عصام وجابر واوهمتهم اني دخلت إلى المدرسة _ولكن لماذا فعلت ذلك ياحبيبي أخشى أن يضربوك ففتح حقيبته وأخرج قنينة زجاجية فيها حليب _ما هذا ياحبيبي _هذا حليب وضعته امي من صدرها وأوصت أن أجلبه لك كل يوم من دون أن يعلم اخواي وأبي احضري دموع كي اقبلها وأذهب إلى المدرسه ولا تخبرني احدا اني كنت هنا طبعت قبلة على وجهه الجميل وأحضرت دموع وكأنها عرفته فشعرت بالهدوء والسكينة، فقبلها وذهب آه..مسكينه أنت يازوجة أخي ساعد الله قلبك بين فترة وأخرى كانت تأتي أم عصام بحجة أنها تريد أن تسأل عن مستوى وسام في المدرسة فتمر وتأخذ دموع بين احضانها كان منظرهم يقطع نياط القلب حاولت وحاولت وحاولت مع أخي كثيرا لكن قلبه المتحجر لم يحن لحال هذه الطفلة البريئة لم ترتكب جرما وذنبها ان الله خلقها انثى. أصبح عمر دموع ست سنوات، وحان الوقت لتدخل إلى المدرسة، ذهبت وأخبرت أخي _أبو عصام يجب أن أسجل دموع في المدرسة _ماذا إلا تكفين عن الكلام عن هذه الفتاة ولماذا تدرس _ماذا بك يأاخي هل انتزعت من قلبك الرحمه ما فائدة صلاتك وصيامك وهل تعيش في زمن الجاهلية لقد حرمت الطفلة من أمها طوال هذه السنوات وتريد أن تحرمها من التعلم أيضا _انا لن أسلم من لسانك حسنا أفعلي ما تريدين وسأبعث لك المصاريف _يجب أن تأتي أم عصام معي لاني لست أمها _الم أقل لك ان تتخذي الإجراءات لكي تكون ابنتكم بالتبني _لا لن أفعل أن لها آب وأم ولن احرمها من هذا الحق _ حسنا خذيها ولكن هذه آخر مرة هل فهمتي الذي كان يصبرني أن علاقة وسام ودموع كانت قوية جدا، كان يحبها حبا عجيبا، ويشتري لها الألعاب من مصروفه، كنت اشكر الله واحمده لأنه سيكون سندها عندما تكبر ولكن جابر وعصام لم يفكرا ابدا بأختهم وكأنها غير موجودة عندما كبرت دموع بدأت تسألني كثيرا عن سبب بقائها بعيدة عن أهلها وكنت اتهرب من الأجابة، وفي احدى الايام جاءت من المدرسة، وكان حالها يرثى له وجهها شاحب ودموعها تنهمر كالمطر _لماذا تبكين يانور عيني يتبع .....
اخرى"دموع' بقلم/ نرجس مرتضى الموسوي المقدمة (بسم الله الرحمن الرحيم) كم أشعر بالغربة عندما أسمع ما يحدث هنا وهناك، ينتابني الاضطراب كمن يتلفظ انفاسه الأخيرة، ترى كيف اصفه كوخز إبرة أو زجاج متهشم تدخل في جسدي، كأن الألم يمزقنني ويرميني في بئر سحيق تتلاطمه الأوجاع، تستعد لإطلاق إنذار صراخ مكمم من فم مظلوم ممزوج بزخات من الدموع وارتعاش أنامل متجمدة في برد شتاء قارص لم يعد هناك من يجمع حطب الحقيقة لتسطع شمسها لمن لهم عقول تفقه الكلام، هل ابقى صامتة وأطفوا على بحر ميت من الأحاسيس والشعور ؟ أم اتقوقع واكون كالصماء البكماء ولا اهتم بما يدور حولي ولا اكترث لمخلافات ما يؤول إلية البعض، لكوني انثى سوف اجمع كل دمعة سقطت من عين غادة واحولها الى حروف تعزف سمفونية على اوتار العدالة حتى يسمع صراخهن القاصي والداني. ................... الجزء الاول في صباح يوم غائم، وأصوات الغربان تنذر بيوم مشؤوم، الجميع ينتظر المولود الجديد، أبو عصام يجلس على كرسي يحرك رجليه يمنة ويسرة كان يظهر عليه التوتر والاضظراب بقربه عصام ابنه البكر وجابر الأوسط والابن الأصغر وسام الذي يبلغ من العمر ست سنوات يجلس في حجر عمته .. يهمس وسام بصوت خافت لعمته _ عمتي أتمنى أن تنجب أمي بنت _ اسكت ياحبيبي أن سمعك أبوك سيغضب يفعل الله ما يشاء. اقتربت منه أكثر وسألته بصوت منخفض _ولكن لماذا تريد أن تكون لك أخت؟ _ لكي لا تضربني مثل اخوي عصام وجابر ابتسمت العمه وطبعت قبله حنونة على جبين وسام وبعد دقائق خرجت الممرضة وهي تنظر إلى أبو عصام قالت مبتسمة _ لقد أنجبت زوجتك بالسلامة، ورزقك الله فتاة في غاية الجمال، وقف الجميع مندهشا كأن على رؤوسهم الطير، وكأنما نزلت عليهم صاعقة من السماء _مستحيل زوجتي لا تنجب البنات ركضت العمة لتهدئة اخوها _اتقي الله ياأخي أن هذا رزقا من عند الله ولا تكفر كي لا يغضب عليك _خذي هذا المال وأكملي الإجراءات وأجلبي أم عصام إلى البيت وسأخذ الأولاد وأذهب تمسك وسام بعمته وهو يبكي ويقول _ أريد أن أرى اختي سحبه أبوه بشدة وهو يقول إنها ليست اختك العمه_ استغفر الله ربي وأتوب اليه آه... إنه لا يشكر الله على نعمه اه ... ياليت الله رزقني بدل عنه فلقد حرمت من هذه النعمه فلم أستطع الإنجاب ولكني أحمده واشكره على كل حال وبعد فتره استطاعت العمه الدخول لتطمئن على أم عصام _أم عصام الحمد لله على سلامتك _اجابتها وعيناها مغرورقتان بالدموع ياليت الله أخذ عمري ولم يرزقني بهذه البنت _استغفر الله كيف تقولين هذا انت أم ولم اتوقع منك مثل هذا الكلام فاأخي رجل وقلبه قاسي ولكن الله خلق الرحمة في قلوب الأمهات _لا...لا...لا اني لا أريدها هيا اخرجوني من هنا _لا حول ولا قوة الا بالله ياإلهي ماذا أفعل.. رفعت العمه الطفلة وهي تنظر إلى عينيها الجميلتين كانت ذات بشرة ثلجية كاللجين، مدت الطفلة يدها الناعمة الصغيرة ،امسكت يد عمتها كأنها تطلب منها العون خرجت دموعها ترقرق عندما سمعتها تبكي ،وقد امتنعت أمها عن إرضاعها ما اقسى قلبها احضرت الممرضة الحليب الصناعي وطلبت من العمة أن تعطيها وقالت _قد تكون الأم الآن في حاله نفسية مضطربة ،لكنها اكيد سوف تحن على إبنتها وترضعها حاولت تواسي العمة ببعض الكلام حتى تهدا من روعها عندما أردت العمة الخروج سألوها ماذا سوف تسمين الطفله أنهارت دموعها قائلة _اسميها دموع ذهبوا إلى البيت لم تنظر أم عصام إلى الطفلة إبدا ولم تحن لبكائها عندما دخلت نظر أبو عصام لاخته وهو مكفهر الوجه قاطب الحاجبين _خذيها نحن لا نريدها صرخت في وجهه _إلا تستحي كيف تضحي باإبنتك وكيف تحرمها من أمها نظرت لي أم عصام وقالت _انا ايضا لا أريدها اجابتهم وهي مندهشة بصوت مرتفع ويفيض حزنا _ الاتخافون من غضب الله وأنت ياأم عصام ما هذه القسوة لم أسمع بحياتي أم تتخلى عن إبنتها من يصدق ما يحدث يارب الهمني ماذا أفعل _سأرسل لك مبلغ كل شهر لشراء كل ما تحتاجيه لها _حبيبتي دموع لقد رزقني الله بك بعد طول إنتظار لكنني أتألم لحالك مسكينة عندما أردت العمة الخروج ركض وسام وطلب من عمته ان يرى أخته حضنها بود وطبع قبلة على جبينها قائلا _كم هي جميلة ما إسمها _اسميتها دموع سحبه عصام بقسوة وكأن له قلب كالحجارة قائلا _ إنها ليست اختنا نظرت العمة إلى عين عصام وقالت _ إنها اختكم ولا تستطيع أن تنكر ذلك كان الجميع يحب العمة ويحترمها لذلك لم يجرء أحد على مجادلتها يتبع ....
اخرىمن أسئلتكم ابتلاءات زمن الغيبة من زوايا أخرى بقلم : وجدان الشوهاني كتلك الأوراق التي تتساقط بلا عودة ما أن يأتي فصل الخريف ؛ فتقطع بذلك السقوط أي أملٍ في عودتها ، هكذا حال البعض ما أن نتكلم عن غيبة الإمام(عجّل الله له الفرج) ،حتى قطع الأمل بالظهور ، والسبب في ذلك هو رؤيتنا لكثير من الأمور ، فما زالت قاصرة ومن زاوية حادة جداً لا تكاد تقوى على انتشال اؤلئك البعض من دائرة اليأس إلى الأمل. فاليوم نحتاج إلى نوسّع من تلك الرؤيا، وننظر لها من زوايا أخرى غير ما اعتدنا عليه ، علّنا نعيد الأمل عند البعض ، ونقترب أكثر كباحثين من إمام زماننا (عجّل الله فرجه )، ونرفع من المستوى الثقافي عند شبابنا ممّن لا يملك أدنى ثقافة مهدوية وهذا ما يؤسف له. ففي ظل كثرة الابتلاءات التي تصيبنا كصاعقة السماء، حتى عزى الكثير منا تشتت الأمة بسبب تلك الأبتلاءات، التي لا يصاحبها أي اتعاظ؛ لكونها تمحيص وغربلة للمؤمنين في زمن الغيبة ، وهي رؤية صحيحة ؛ ولكنها من زاوية واحدة وضيقة جداً ، أجدها أحياناً تبث اليأس عند البعض من قليلي الإيمان والمعرفة؛ لأنهم يرون في تلك الابتلاءات لزوم الظهور، وحيث إنه لم يظهر إلى الآن فالقضية إذن ما هي إلا خرافة وإن مسألة التمحيص ما هي إلا خدعة ، وهذا هو اليأس الذي نأسف له . فلنغيّر وجهة شراع سفينتنا ، وندخل في عمق البحر ،ولا نكتف بالوقوف على الجرف ، لنظيف إلى تلك الرؤية رؤى أخرى وننظر للقضية من زوايا متعددة ، عسى أن نعالج تلك المغالطات التي وقع بها البعض. فمع إننا نؤمن بإن تلك الابتلاءات هي تمحيص وغربلة ؛ ولكن لم نغص في تلك الروايات التي تتكلم عن ابتلاءات زمن الغيبة، لنتعرف أكثر على حقيقتها، وهل هي للتمحيص فقط أو إن هناك حكمة إلهية شاءت أن تكون بشكل ابتلاءات ؟ علماً إننا لم نجد أي باحث يدّعي إنه وقف على كل أسرار حكمة الله ( حاشا أن يكون ذلك ) ، ولكنها مجرد استنطاق للروايات الواردة بهذا الصدد. لنغص اولاً في تلك الروايات وننظر لها من زواياها الأخرى ،فقد ورد في الجزء الثاني والخمسون من بحار الانوار للعلامة المجلسي (رض) ما نقله عن رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه وآله ) أنه قال :« كل ما كان في الأمم السالفة يكون في هذه الأمة مثله حذوا النعل بالنعل والقذة بالقذة وقد كان فيمن مضى» ، وورد في كمال الدين وعلل الشرائع عن سدير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال :« أن للقائم منّا غيبة يطول أمدها ، فقلت له : ولمَ ذلك يابن رسول الله ؟ قال (عليه السلام): أن الله عز وجل أبى إلّا أن يجري فيه سنن الأنبياء في غيباتهم وأنه لابد له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم ، قال تعالى :" لتركبن طبقا عن طبق". أي سنناً على سنن من كان قبلكم ». وهنا نحتاج أن نسأل ... هل جرت كل سنن الأنبياء فينا ؟!!! وهل استوفى الإمام غيبات الانبياء كلها؟!!! أذن لعله ، نحتاج اليوم كمنتظرين أن نتعرف على تلك السنن ، وايضاً التعرف على غيبات الانبياء التي يقيناً أغلبنا لا يعرف حقائقها فضلاً عن عدم معرفته بكل الانبياء لكونها مسألة اعتمدنا في معرفتها على النقل فقط ، وأشار كثير من علمائنا بإنه يكون هناك أنبياء غير المتعارف عليهم. فتلك النظرة المستقبلية للغيبة فقط هي السبب في عدم التعرف على سنن السابقين،مع إنه من لوازم الإيمان هو أن نؤمن بكل الانبياء السابقين وحتى يتحقق هذا الإيمان لابد أن نتعرف على سننهم ، ومن يعترض نرجعه للقران الذي مع كونه معجزة نبي الإسلام ؛ لكنه حافل بسنن الانبياء ، فواحدة من حكم تلك الابتلاءات هي للتعرف على تلك السنن. ولو نظرنا لتلك الابتلاءات من خلال الانبياء السابقين وسننهم ، سنجد أنفسنا إننا في أول أو وسط الطريق وأمامنا الكثير . لنغير الوجهة وننظر من زاوية أخرى ، لطالما نردد في دعاء زمن الغيبة قول :" لتملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلماّ وجورا " ، ولنا أن نسأل . هل امتلأت ظلماً وجورا ؟! خصوصاً وكثير منا يردد قول " إن تلك الابتلاءات لكثرة الظلم "، وهذا جيد حين نفهم إن الابتلاءات بسبب الظلم ؛ ولكن لابد أن أن نفهم إن الظهور لا يكون إلا بعد الامتلاء، وإن كنا نجد البعض يراها ممتلئة من خلال نظرته القاصرة؛ ولا ضير إن جعلناه يطلّع على بعض الروايات بهذا الصدد ،ومن ثم نعيد السؤال هل امتلأت ؟... من خلال دعاء زمن الغيبة كان المفروض أن ننظر لتلك الابتلاءات على أنها ضرورة من ضرورات الظهور ، والتي يجب أن تصل للامتلاء الذي سنحاول من خلال ما أشار له أهل البيت (عليهم السلام) في رواياتهم التعرف على معنى الامتلاء ، ففي دلائل الإمامة عن أمير المؤمنين ( عليه السلام) إنه قال :« والله لا يكون ما تأملون حتى يهلك المبطلون ويضمحل الجاهلون ويأمن المتقون ، وقليل ما يكون حتى لا يكون لأحدكم موضع قدمه ، وحتى تكونوا على الناس أهون من الميتة عند صاحبها ، فبينا أنتم كذلك إذا جاء نصر الله والفتح وهو قول ربي عز وجل في كتابه " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " ». فلاحظوا إلى أي حال يصل الظلم ليتحقق الامتلاء ،وإلى أي درجة ، وفي الجزء الثاني من غيبة النعماني ،عن الإمام الصادق (عليه السلام) :« لا يقوم القائم إلا على خوف شديد من الناس وزلازل وفتنة وبلاء يصيب الناس وطاعون قبل ذلك وسيف قاطع بين المغرب واختلاف شديد بين الناس وتشتيت في دينهم وتغيير في حالهم حتى يتمنى المتمني صباحاً ومساء من عظم ما يرى من كلب الناس وأكل بعضهم بعضا قيامه (عجّل الله فرجه) ، فخروجه إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط من أن يروا فرجا ، فيا طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره» وفي الجزء الثالث من كشف الغمة عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه وآله) قال :« لا يزال بكم حتى يولد في الفتنة والجور من لا يُعرف عندها ، حتى تملأ الأرض جورا فلا يقدر أحد يقول : الله ، ثم يبعث الله عز وجل رجلا مني ومن عترتي فيملأ الأرض عدلا كما ملأها من كان قبله جورا» فنحتاج أن نفكر في تلك الأدعية ، التي نردد بعضها كثيرا ؛ ولكن لا يظن أحد إن ذلك الامتلاء حتى يتحقق لابد أن يُفسد الإنسان في الأرض ، فتلك مغالطة يعيشها الكثير ممن لم يفهم الأمر ، إنما الامتلاء بالظلم يتحقق اولاً بكل أرجاء المعمورة ، لا في بقعة واحدة كما يفعله البعض، وهذا يكون باسبابه التي لا مجال لذكرها في مقالنا هذا، ومن يعتقد أنه عليه أن يفسد حتى يظهر الامام ، نقول له هذا تكليف بالقبيح وهو باطلٌ عقلاً فضلاً عن كونه تكليف بما لا يُطاق لكونه يلزم من كل شخص أن يُفسد كل الأرض وهو قبيح ايضاً، فالبعض ممن يمتلك أدوات الإقناع المزيفة، يلعب بعقول شبابنا ممن هم قليلي المعرفة، وهذه إحدى اسباب وجود المغالطات في القضية المهدية. واختم برواية أخيرة للرسول الاكرم (صلوات الله وسلامه عليه وآله) حيث قال :« لا يكون هذا الأمر حتى يهلك تسعة أعشار الناس »، وبذلك يكون الظهور . ومما تقدم يظهر إننا نرى الابتلاءات كتمحيص فقط ، وهذا وإن كان جيد ؛ ولكن نحتاج أن نوسع من رؤيتنا الضيقة ، ونرى تلك الابتلاءات من زوايا اخرى ومتعددة ؛ لنكون من الإمام أقرب ، ويزداد فينا الإيمان بالظهور وينجلي اليأس من نفوسنا ،فنحظى بنصرة الإمام، إذا شاء الله لنا أن ندرك الظهور ، ففرج الله يكون بلحظة لا نتوقعها ، وإن كنا نؤمن بها .
اخرىللزهراءِ خُطت الكلمات و انتظمت الحروفُ تحكي قصةَ المسمار والباب.. كأن الدنيا دارت دوائرها و اصعدتِ أنفاسها و التفت ساقها بالساق و غارت بحارهاو كذا فعلت الأنهار وأخذت تلفظ أنفاسها الأخيرة إذ غضبا ازفرت.. تلعن المسمار.. و راحت تبدي انينها و تتوسل الجبار تبدي عذرا من ذلك الباب.. غدرا اُوقد و بالحقد و البغضاء إنما اشتعلت تلك النيران.. و قد أظلم نهارها و الهواء راحت تبكي الظليمة و الفعلة النكراء... تدعو... تسأل..هل إلى مرد من سبيل .. إلهي و ربي.. إليك أدعو .. و بالزهراء اتوسل.. بالمهظومة.. المظلومة.. بالمغصوبة حقها.. بفاطم بنت محمد وبالآل الأطهار ... ما لي بالباب شأن و بذاك المسمار و لا بقوم اشعلوا النيران إني من فعلهم بُراء و لمحمد و آله إنما الولاء اخطو.. انتظر يوم اللقاء.. هذه أنا الدنيا.. ما زلت الزهراء أبكي..و حروفي تنعى و الكلمات تخط قصة المسمار والباب وإرثٌ حقٌ مغتصب.. وظليمة و بعدٌ غير هذا و ذاك..
اخرىانبجاسُ فجرِ أملي بقلم: الحاجة فضيلة شاكر أمسكتُ بيراعي.. عندَ انبلاجِ فجرِ صباحي في السماءِ تُبحِرُ عيناي ارسُمُ لوحةَ قدّاحٍ من صبري مُلوّنةً بألوانِ فصولِ حياتي ما وراءَ الخمسين يلوذُ عمري ارتميتُ بينَ يدي ربّي.. فانهزمَ كُلُّ حزنٍ يعتريني ارتشفتُ أملًا بعدَ وبالِ حكايتي فنثرتُ للهِ تراتيلي لطيِّ بساطِ جراحي وتُزهِرُ وردةٌ في حديقتي مع انبجاسِ فجرِ أملي لنْ يجفَّ حبرُ قلمي حتى مماتي..
اخرىهل نحن من المنتظرين الحقيقيين ؟ ام ان امامنا المهدي (عج) ينتظر منا ان نسير على جاده الطريق المستقيم وان نخطو بأتجاه الانتظار الحقيقي بأخلاص ويقين ؟ هل انتظارنا لأمامنا ( عج) في السراء والضراء وفي كل وقت وحين ؟ محزن ان يكون ذكرنا واستغاثتنا بامامنا روحي فداه فقط لاجل مصالحنا وعند الحاجه ، فكم منا من يدعو بتعجيل الفرج لأجل امامه ؟ لكشف كربته ، ولاظهار امره ، ولعودة الحق اليه ، من دون ان تكون له مصلحة شخصيه او منفعة معنويه او ماديه ، ويكون سرور مولاه وقضاء حوائجه والسعي لمرضاته شغله الشاغل وهمه الدائم ، وهذا من حق المولى على عبده ، ولكن للأسف منا من ينساه حتى عند البلاء والحاجه لقصر معرفته بفضل وعظمة امامه (عج) وكرامته ومنزلته عند الله تعالى ، وهو القائل ( انا غير مهملين لمراعاتكم ولاناسين لذكركم ، ولولا ذلك لنزل بكم اللاواء واصطلمكم الاعداء ....) فلولا وجوده الشريف ودعائه ورعايته لنا لساخت الارض بنا ، فبرغم تهاوننا وتقصيرنا في حقه يشملنا ويحيطنا بعطفه وعنايته ، فلو تبصرنا بفضله ونعمته علينا ، لما استغثنا وتشفعنا بغيره ولما التجأنا لقضاء حوائجنا وحل مشاكلنا الى سواه تشفعاً به وبآبائه الطاهرين وتوسلاً بهم الى الله ( تعالى) . ولقدمنا الاولوية والاهمية لهم لانهم سبل النجاة وابواب الاجابه . وعبارة لو انكم بحثتم عني كما تبحثون عن ضالتكم ، تدل على قصورنا وتقصيرنا تجاهه اذ ان المنتظر الحقيقي لايكون دعاءه فقط بلسانه بل يجب ان يكون بقلبه وفكره وفعله ، وسعيه للوصول الى مولاه ، ويجعل ما يرضي مولاه ويعجل فرجه هدفه ومبتغاه فأمامنا ليس غائب عنا بل هو حاضر محجوب عن اعيننا، حجبته ذنوبنا وخطايانا واتباعنا لشهوات الدنيا وملذاتها ، فلو صحونا عن غفلتنا وبحثنا عن امامنا لوجدناه حاضرأ منتظرا لنا ، ولما طال البعد والغيبة بيننا وهو يقاسي الغربة والوحدة . نسأل الله ان يجعلنا سببا لتعجيل فرجه ولادخال السرور الى قلبه الشريف ولكشف كربته وتكالب الزمان عليه . وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين . ام حيدر الموسوي
اخرىخلق الله الأشياء كلها في الحياة ضمن موازين وقياسات... فالزيادة أو النقيصة تسبب المشاكل فيها. وهكذا حياتنا وأفعالنا وعواطفنا لا بد أن تكون ضمن موازين دقيقة، وليست خالية منها، فالزيادة والنقيصة تسبب لنا المشاكل. ومحور كلامنا عن الطيبة فما هي؟ الطيبة: هي من الصفات والأخلاق الحميدة، التي يمتاز صاحبها بنقاء الصدر والسريرة، وحُبّ الآخرين، والبعد عن إضمار الشر، أو الأحقاد والخبث، كما أنّ الطيبة تدفع الإنسان إلى أرقى معاني الإنسانية، وأكثرها شفافية؛ كالتسامح، والإخلاص، لكن رغم رُقي هذه الكلمة، إلا أنها إذا خرجت عن حدودها المعقولة ووصلت حد المبالغة فإنها ستعطي نتائج سلبية على صاحبها، كل شيء في الحياة يجب أن يكون موزوناً ومعتدلاً، بما في ذلك المحبة التي هي ناتجة عن طيبة الإنسان، وحسن خلقه، فيجب أن تتعامل مع الآخرين في حدود المعقول، وعندما تبغضهم كذلك وفق حدود المعقول، ولا يجوز المبالغة في كلا الأمرين، فهناك شعرة بين الطيبة وحماقة السلوك... هذه الشعرة هي (منطق العقل). الإنسان الذي يتحكم بعاطفته قليلاً، ويحكّم عقله فهذا ليس دليلاً على عدم طيبته... بالعكس... هذا طيب عاقل... عكس الطيب الأحمق... الذي لا يفكر بعاقبة أو نتيجة سلوكه ويندفع بشكل عاطفي أو يمنح ثقة لطرف معين غريب أو قريب... والمبررات التي يحاول إقناع نفسه بها عندما تقع المشاكل أنه صاحب قلب طيب. الطيبة لا تلغي دور العقل... إنما العكس هو الصحيح، فهي تحكيم العقل بالوقت المناسب واتخاذ القرار الحكيم الذي يدل على اتزان العقل، ومهما كان القرار ظاهراً يحمل القسوة أحياناً لكنه تترتب عليه فوائد مستقبلية حتمية... وأطيب ما يكون الإنسان عندما يدفع الضرر عن نفسه وعن الآخرين قبل أن ينفعهم. هل الطيبة تصلح في جميع الأوقات أم في أوقات محددة؟ الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً.. لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية... فالطيبة حالة تعكس التأثر بالواقع لهذا يجب أن تكون الطيبة متغيرة حسب الظروف والأشخاص، قد يحدث أن تعمي الطيبة الزائدة صاحبها عن رؤيته لحقيقة مجرى الأمور، أو عدم رؤيته الحقيقة بأكملها، من باب حسن ظنه بالآخرين، واعتقاده أن جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والصدق والمحبة، ماي دفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثير من الأحيان، فمساعدة المحتاج الحقيقي تعتبر طيبة، لكن لو كان المدّعي للحاجة كاذباً فهو مستغل. لهذا علينا قبل أن نستخدم الطيبة أن نقدم عقولنا قبل عواطفنا، فالعاطفة تعتمد على الإحساس لكن العقل أقوى منها، لأنه ميزان يزن الأشياء رغم أن للقلب ألماً أشد من ألم العقل، فالقلب يكشف عن نفسه من خلال دقاته لكن العقل لا يكشف عن نفسه لأنه يحكم بصمت، فالطيبة يمكن أن تكون مقياساً لمعرفة الأقوى: العاطفة أو العقل، فالطيّب يكون قلبه ضعيفاً ترهقه الضربات في أي حدث، ويكون المرء حينها عاطفياً وليس طيباً، لكن صاحب العقل القوي يكون طيباً أكثر من كونه عاطفياً. هل الطيبة تؤذي صاحبها وتسبب عدم الاحترام لمشاعره؟ إن الطيبة المتوازنة المتفقة مع العقل لا تؤذي صاحبها لأن مفهوم طيبة القلب هو حب الخير للغير وعدم الإضرار بالغير، وعدم العمل ضد مصلحة الغير، ومسامحة من أخطأ بحقه بقدر معقول ومساعدة المحتاج ... وغيرها كثير. أما الثقة العمياء بالآخرين وعدم حساب نية المقابل وغيرها فهذه ليست طيبة، بل قد تكون -مع كامل الاحترام للجميع- غباءً أو حماقة وسلوكاً غير عقلاني ولا يمت للعقل بصلة. إن المشكلة تقع عند الإنسان الطيب عندما يرى أن الناس كلهم طيبون، ثم إذا واجهه موقف منهم أو لحق به أذى من ظلم أو استغلال لطيبته، تُغلق الدنيا في وجهه، فيبدأ وهو يرى الناس الطيبين قد رحلوا من مجتمعه، وأن الخير انعدم، وتحصل له أزمة نفسية أو يتعرض للأمراض، لأن الطيّب يقدم الإحسان للناس بكل ما يستطيع فعله، ويقدّم ذلك بحسن نية وبراءة منه، فهو بالتالي ينتظر منهم الرد بالشكر أو المعاملة باللطف على الأقل... صحيح أن المعروف لوجه الله، ولكن من باب: من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، لذلك يتأذى عندما يصدر فعل من الشخص الذي كان يعامله بكل طيب وصدق. هل الطيبة والصدق من علامات ضعف الشخصية؟ الكثير من الناس يصف طيب القلب بأنه ضعيف الشخصية، لأنه يتصف بعدم الانتقام ممن ظلمه، والصفح عنه عند رجوعه عن الخطأ، وأنه لا يحب إيقاع الآخرين بالمشاكل؛ لأنه مقتنع أن الله سيأخذ له حقه. والحقيقة هي أن الصدق والطيبة وحسن الظن بالآخرين ليست ضعف شخصية، بل هي من الأخلاق الراقية وهي تزيد صاحبها سمواً وجمالاً روحياً، وليس من المعيب أن يمتلك الإنسان الطيبة بل العيب في من لا يُقدّر هذه الطيبة ويعطيها حقها في التعامل بالمثل. فالمشكلة الأساسية ليست في الطيبة، إنما في استغلال الآخرين لهذه الطيبة، نتيجة لعدم عقلنة قراراتنا والاعتماد على عواطفنا بشكل كلي. فالصدق والطيبة حسب المنطق والعقل، ولها فوائد جمة للنفس ولعموم أفراد المجتمع، فهي تحصين للشخص عن المعاصي، وزيادة لصلة الإنسان بربه، وتهذيب للنفس والشعور بالراحة النفسية، فالصادق الطيب ينشر المحبة بين الناس، وهذا يعزّز التماسك الاجتماعي وتقويته من سوء الظنون والحقد، وهذا التعامل أكّدت عليه جميع الشرائع السماوية، ولو تأمّلنا تاريخ وأخلاق الأنبياء والأوصياء لوجدنا كل ما هو راقٍ من الأخلاق والتعامل بالطيبة والصدق... حنان الزيرجاوي
اخرىيستشهد الكثير من الناس ــ وحتى بعض المثقفين ــ بقول:" لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل وعاشر نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل" على أنه من أقوال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، كما يستشهدون أيضاً بقولٍ آخر ينسبونه إليه (عليه السلام) لا يبعد عن الأول من حيث المعنى:"اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت لأن الخير فيها باق، ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت لأن الشح فيها باق"، مُسقطين المعنى على بعض المصاديق التي لم ترُق افعالها لهم، لاسيما أولئك الذين عاثوا بالأرض فساداً من الحكام والمسؤولين الفاسدين والمتسترين عل الفساد. ونحن في الوقت الذي نستنكر فيه نشر الفساد والتستر عليه ومداهنة الفاسدين نؤكد ونشدد على ضرورة تحرّي صدق الأقوال ومطابقتها للواقع وعدم مخالفتها للعقل والشرع من جهة، وضرورة التأكد من صدورها عن أمير المؤمنين أبي الأيتام والفقراء (عليه السلام) أو غيرها من المعصومين (عليهم السلام) قبل نسبتها إليهم من جهة أخرى، لذا ارتأينا مناقشة هذا القول وما شابه معناه من حيث الدلالة أولاً، ومن حيث السند ثانياً.. فأما من حيث الدلالة فإن هذين القولين يصنفان الناس الى صنفين: صنف قد سبق له أن شبع مادياً ولم يتألم جوعاً، أو يتأوه حاجةً ومن بعد شبعه جاع وافتقر، وصنف آخر قد تقلّب ليله هماً بالدين، وتضوّر نهاره ألماً من الجوع، ثم شبع واغتنى،. كما جعل القولان الخير متأصلاً في الصنف الأول دون الثاني، وبناءً على ذلك فإن معاشرة أفراد هذا الصنف هي المعاشرة المرغوبة والمحبوبة والتي تجرّ على صاحبها الخير والسعادة والسلام، بخلاف معاشرة أفراد الصنف الثاني التي لا تُحبَّذ ولا تُطلب؛ لأنها لا تجر إلى صاحبها سوى الحزن والندم والآلام... ولو تأملنا قليلاً في معنى هذين القولين لوجدناه مغايراً لمعايير القرآن الكريم بعيداً كل البعد عن روح الشريعة الاسلامية ، وعن المنطق القويم والعقل السليم ومخالفاً أيضاً لصريح التاريخ الصحيح، بل ومخالف حتى لما نسمعه من قصص من أرض الواقع أو ما نلمسه فيه من وقائع.. فأما مناقضته للقرآن الكريم فواضحة جداً، إذ إن الله (تعالى) قد أوضح فيه وبشكلٍ جلي ملاك التفاضل بين الناس، إذ قال (عز من قائل):" يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)"(1) جاعلاً التقوى مِلاكاً للتفاضل، فمن كان أتقى كان أفضل، ومن البديهي أن تكون معاشرته كذلك، والعكس صحيحٌ أيضاً. وعليه فإن من سبق حاجتُه وفقرُه شبعَه وغناه يكون هو الأفضل، وبالتالي تكون معاشرته هي الأفضل كذلك فيما لو كان تقياً بخلاف من شبع وكان غنياً ، ثم افتقر وجاع فإنه لن يكون الأفضل ومعاشرته لن تكون كذلك طالما كان بعيداً عن التقوى. وأما بُعده عن روح الشريعة الإسلامية فإن الشريعة لطالما أكدت على أن الله (سبحانه وتعالى) عادلٌ لا جور في ساحته ولا ظلمَ في سجيته، وبالتالي لا يمكن أن يُعقل إطلاقاً أن يجعل البعض فقيراً ويتسبب في دخالة الخير في نفوسهم، التي يترتب عليها نفور الناس من عشرتهم، فيما يُغني سواهم ويجعل الخير متأصلاً في نفوسهم بسبب إغنائه إياهم ليس إلا ومن ثم يتسبب في كون الخير متأصلاً في نفوسهم، وبالتالي حب الناس لعشرتهم. فإن ذلك مخالف لمقتضى العدل الإلهي لأنه ليس بعاجزٍ عن تركه ولا بمُكره على فعله، ولا محب لذلك لهواً وعبثاً (تعالى عن كل ذلك علواً كبيراً). كما إن تأصل الخير في نفوس بعض الناس ودخالته في نفوس البعض الآخر منهم بناءً على أمر خارج عن إرادتهم واختيارهم كـ(الغنى والشبع أو الجوع والفقر) إنما هو أمرٌ منافٍ لمنهج الشريعة المقدسة القائم على حرية الانسان في اختياره لسبيل الخير والرشاد أو سبيل الشر والفساد، قال (تعالى):" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)"(2) بل إن الانسان أحياناً قد يكون فقيراً بسبب حب الله (تعالى) له، كما ورد في الحديث القدسي: "أن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى فلو أفقرته لأفسده ذلك و أن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر فلو أغنيته لأفسده ذلك"(3) وهل يمكن ان نتصور أن الخيرَ دخيلٌ فيمن يحبه الله (تعالى) أو إن معاشرته لا تجدي نفعا، أو تسبب الهم والألم؟! نعم، ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"اِحْذَرُوا صَوْلَةَ اَلْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ وَ اَللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ"(4) ولا يقصد به الجوع والشبع المتعارف عليه لدى الناس، وإنما المراد منه: احذروا صولة الكريم إذا اُمتُهِن، واحذروا صولة اللئيم إذا أكرم، وفي هذا المعنى ورد عنه (عليه السلام) أيضاً: "احذروا سطوة الكريم إذا وضع و سورة اللئيم إذا رفع"(5) وأما العقل السليم والمنطق القويم فإنهما يقتضيان أن تتأصل صفة الخير في الإنسان لملكاتٍ حميدة يتسم بها وصفات فضيلة يتميز بها، لا أن تتأصل صفة الخير في نفسه لمجرد أنه ولد في أسرة تتمتع بالرفاهية الاقتصادية ووجد في بيئة تتنعم بالثروات المادية! وعند مراجعتنا للتاريخ الصحيح نجد أن قادة البشر وصفوة الناس إنما كان أغلبهم ينتمي الى الطبقات الفقيرة من المجتمع، فهؤلاء الأنبياء ورسل الله (صلوات الله عليهم) منهم من كان نجاراً أو خياطاً أو راعياً، ومع ذلك فقد كانوا من أطيب الناس خلقاً، وأعظمهم شرفاً، وأرفعهم منزلةً، قد تأصّل الخير في نفوسهم تأصّلاً حتى غدوا قطعة منه، فكانوا هم الخير للبشر، وهم الرحمة للعالمين. وبالنزول إلى أرض الواقع نجد أن الكثير من الفقراء والمساكين طيبي الروح، كريمي النفس، يتألمون لألم المحتاج ولربما يؤثرونه على أنفسهم رغم حاجتهم. ولا نقصد من كلامنا هذا أن الأغنياء هم على نقيض ذلك، وإنما تأكيداً على مسألة عدم ارتباط تأصل الخير في النفوس وعدمه بمستواهم الاقتصادي الذي نشأوا فيه ارتباط العلة والمعلول، فكما إن بعض الفقراء أخيار، فإن بعض الأغنياء كذلك، والعكس صحيح أيضاً. ومن هنا يُفهم من بعض الروايات ضرورة عدم طلب الخير والحاجات ممن هم أهل للخير بقطع النظر عن مستواهم المعاشي الحالي والسابق، منها ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"أشد من الموت طلب الحاجة من غير أهلها"(5)، وعنه (عليه السلام) أيضاً: "فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها"(6) إذن فلا صحة لهاتين المقولتين من حيث الدلالة، حتى وإن تنزلنا وحملنا الجوع والشبع على المعنى المعنوي لا المادي؛ وذلك لأنه حتى من يفتقر الى الأخلاق المعنوية فإنه ما إن يتكامل بالفضائل ويقلع عن الرذائل حتى يتسم بالخير وتحسن عشرته وتطيب للناس صحبته، والعكس صحيحٌ أيضا.. ومن البديهي أن ما لا يوافق العقل والمنطق السليم، ويخالف صريح القرآن الكريم، لا يمكن أن يصدر من وصي الرسول الكريم (صلوات الله عليهما وآلهما)، وعليه لا تصح نسبة هذين القولين الى أمير المؤمنين (عليه السلام).. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحجرات 13 (2) الانسان 3 (3) عوالي الآلي ج2 ص29 (4) غرر الحكم ج1 227 (5) المدر السابق ج1 ص246 (6) ميزان الحكمة ج4 ص 238 رضا الله غايتي
اخرىبقلم: أم نور الهدى كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) اهتمام خاص بالمرأة، فنراه تارة ينظر إليها كآية من آيات الخلق الإلهي، وتجلٍ من تجليات الخالق (عز وجل) فيقول: (عقول النساء في جمالهن وجمال الرجال في عقولهم). وتارة ينظر إلى كل ما موجود هو آية ومظهر من مظاهر النساء فيقول: (لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليس قهرمانة). أي إن المرأة ريحانة وزهرة تعطر المجتمع بعطر الرياحين والزهور. ولقد وردت كلمة الريحان في قوله تعالى: (فأمّا إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة النعيم) والريحان هنا كل نبات طيب الريح مفردته ريحانة، فروح وريحان تعني الرحمة. فالإمام هنا وصف المرأة بأروع الأوصاف حين جعلها ريحانة بكل ما تشتمل عليه كلمة الريحان من الصفات فهي جميلة وعطرة وطيبة، أما القهرمان فهو الذي يُكلّف بأمور الخدمة والاشتغال، وبما إن الإسلام لم يكلف المرأة بأمور الخدمة والاشتغال في البيت، فما يريده الإمام هو إعفاء النساء من المشقة وعدم الزامهن بتحمل المسؤوليات فوق قدرتهن لأن ما عليهن من واجبات تكوين الأسرة وتربية الجيل يستغرق جهدهن ووقتهن، لذا ليس من حق الرجل إجبار زوجته للقيام بأعمال خارجة عن نطاق واجباتها. فالفرق الجوهري بين اعتبار المرأة ريحانة وبين اعتبارها قهرمانة هو أن الريحانة تكون، محفوظة، مصانة، تعامل برقة وتخاطب برقة، لها منزلتها وحضورها. فلا يمكن للزوج التفريط بها. أما القهرمانة فهي المرأة التي تقوم بالخدمة في المنزل وتدير شؤونه دون أن يكون لها من الزوج تلك المكانة العاطفية والاحترام والرعاية لها. علماً أن خدمتها في بيت الزوجية مما ندب إليه الشره الحنيف واعتبره جهادًا لها أثابها عليه الشيء الكثير جدًا مما ذكرته النصوص الشريفة. فمعاملة الزوج لزوجته يجب أن تكون نابعة من اعتبارها ريحانة وليس من اعتبارها خادمة تقوم بأعمال المنزل لأن المرأة خلقت للرقة والحنان. وعلى الرغم من أن المرأة مظهر من مظاهر الجمال الإلهي فإنها تستطيع كالرجل أن تنال جميع الكمالات الأخرى، وهذا لا يعني أنها لا بد أن تخوض جميع ميادين الحياة كالحرب، والأعمال الشاقة، بل أن الله تعالى جعلها مكملة للرجل، أي الرجل والمرأة أحدهما مكمل للآخر. وأخيرًا إن كلام الإمام علي (عليه السلام) كان تكريمًا للمرأة ووضعها المكانة التي وضعها الله تعالى بها، حيث لم يحملها مشقة الخدمة والعمل في المنزل واعتبر أجر ما تقوم به من اعمال في رعاية بيتها كأجر الجهاد في سبيل الله.
اخرى(لا تقاس العقول بالأعمار، فكم من صغير عقله بارع، وكم من كبير عقله فارغ) قولٌ تناولته وسائل التواصل الاجتماعي بكل تقّبلٍ ورضا، ولعل ما زاد في تقبلها إياه هو نسبته الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكننا عند الرجوع إلى الكتب الحديثية لا نجد لهذا الحديث أثراً إطلاقاً، ولا غرابة في ذلك إذ إن أمير البلاغة والبيان (سلام الله وصلواته عليه) معروفٌ ببلاغته التي أخرست البلغاء، ومشهورٌ بفصاحته التي إعترف بها حتى الأعداء، ومعلومٌ كلامه إذ إنه فوق كلام المخلوقين قاطبةً خلا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ودون كلام رب السماء. وأما من حيث دلالة هذه المقولة ومدى صحتها فلابد من تقديم مقدمات؛ وذلك لأن معنى العقل في المفهوم الإسلامي يختلف عما هو عليه في الثقافات الأخرى من جهةٍ، كما ينبغي التطرق الى النصوص الدينية الواردة في هذا المجال وعرضها ولو على نحو الإيجاز للتعرف إلى مدى موافقة هذه المقولة لها من عدمها من جهةٍ أخرى. معنى العقل: العقل لغة: المنع والحبس، وهو (مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، والعِقال: حبل يُثنَى به يد البعير إلى ركبتيه فيشد به)(1)، (وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه)(2)؛ لذا روي عنه (صلى الله عليه وآله): "العقل عقال من الجهل"(3). وأما اصطلاحاً: فهو حسب التصور الأرضي: عبارة عن مهارات الذهن في سلامة جهازه (الوظيفي) فحسب، في حين أن التصوّر الإسلامي يتجاوز هذا المعنى الضيّق مُضيفاً إلى تلك المهارات مهارة أخرى وهي المهارة العبادية. وعليه فإن العقل يتقوّم في التصور الاسلامي من تظافر مهارتين معاً لا غنى لأحداهما عن الأخرى وهما (المهارة العقلية) و(المهارة العبادية). ولذا روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه عندما سئل عن العقل قال :" العمل بطاعة الله وأن العمّال بطاعة الله هم العقلاء"(4)، كما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)أنه عندما سئل السؤال ذاته أجاب: "ما عُبد به الرحمن، واكتسب به الجنان. فسأله الراوي: فالذي كان في معاوية [أي ماهو؟] فقال(عليه السلام): تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل"(5) والعقل عقلان: عقل الطبع وعقل التجربة، فأما الأول أو ما يسمى بـ(الوجدان الأخلاقي) فهو مبدأ الادراك، وهو إن نَما وتطور سنح للإنسان فرصة الاستفادة من سائر المعارف التي يختزنها عن طريق الدراسة والتجربة وبالتالي يحقق الحياة الإنسانية الطيبة التي يصبو اليها، وأما إن وهن واندثر لإتباع صاحبه الأهواء النفسية والوساوس الشيطانية، فعندئذٍ لا ينتفع الانسان بعقل التجربة مهما زادت معلوماته وتضخمت بياناته، وبالتالي يُحرم من توفيق الوصول إلى الحياة المنشودة. وعقل التجربة هو ما يمكن للإنسان اكتساب العلوم والمعارف من خلاله، وما أروع تشبيه أمير البلغاء (عليه السلام) العلاقة التي تربط العقلين معاً إذ قال فيما نسب إليه: رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع ولا ينفع مسموع إذ لم يك مطبــوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع(6) فقد شبّه (سلام الله عليه) عقل الطبع بالعين وعقل التجربة بالشمس، ومما لاشك فيه لكي تتحقق الرؤية لابد من أمرين: سلامة العين ووجود نور الشمس، وكما إن الثاني لا ينفع إن لم يتوفر الأول فكذلك عقل التجربة لا ينفع عند غياب عقل الطبع فضلاً عن موته. وبما إن عقل الطبع قد ينمو ويزدهر فينفع صاحبه من عقل التجربة، وقد يموت ويندثر عند الاستسلام لإضلال شبهةٍ أوبسبب إرتكاب معصية، فإنه ومن باب أولى أن يتعرض الى الزيادة والنقصان كما سيأتي... وقد ورد في النصوص الدينية أن للعقل زمناً ينمو فيه ويكتمل، فعن إمامنا أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):"يثغر الصبي لسبع، ويؤمر بالصلاة لتسع، ويفرق بينهم في المضاجع لعشر، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهى طوله لإحدى وعشرين سنة، وينتهي عقله لثمان وعشرين إلا التجارب"(7)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يربى الصبي سبعاً ويؤدب سبعاً، ويستخدم سبعاً، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة، وعقله في خمس وثلاثين [سنة] وما كان بعد ذلك فبالتجارب"(8). إذن يتوقف النمو الطبيعي لعقل الانسان عند سن الثامنة والعشرين أو الخامسة والثلاثين كما ورد في الروايتين، وأية زيادة أخرى في طاقته بعد ذلك إنما تأتي عن طريق التجارب، وقد يُتوهم بأن ثمة تعارضاً ما بين الروايتين المتقدمتين في شأن تحديد سن النمو العقلي، إلا إنه لا تعارض ينهما إذا حملنا اختلافهما فيه على اختلاف الاشخاص وتباين استعدادات وقابليات كل منهم. وعلى الرغم من توقف نمو عقل الإنسان إلا إن له أنْ يزيده بالتجارب ومواصلة التعلم ــ كما تقدم في الروايات ــ وسواء أثبت العلم هذه الحقيقة الروائية أم لا، فنحن نريد الإشارة إلى ضرورة استمرار التجربة والتعلم لزيادة نمو العقل وهذا المقدار لا خلاف فيه وعلى الرغم من إن لعمر الانسان مدخلية في زيادة عقله كما تقدم وكما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يزيد عقل الرجل بعد الاربعين إلى خمسين وستين، ثم ينقص عقله بعد ذلك"(9)، إلا إن ذلك ليس على نحو العلة التامة، إذ يمكن للعقل أن يبقى شاباً وقوياً وإن شاب الإنسان وضعف جسمه، وتقدم في السن ووهن عظمه، فالعاقل لا يشيب عقله ولا تنتقص الشيخوخة من قوته بل وقد يزداد طاقةً وحيويةً لذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"رأي الشيخ أحب الي من جَلَد الغلام"(10)، وفي أخرى ".....من حيلة الشباب "(11) وأما من لم يوفر أسباب صقل عقله في مرحلة الشباب فإنه بلا شك يضمحل عقله في مرحلة الشيخوخة. وليس تقدم العمر هو العامل الوحيد في نقصان العقل بل إن النصوص الشرعية أشارت الى عوامل عديدة اخرى أهمها: أولاً: التعلم: فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً"(13). ثانياً: التوبة: وعنه (عليه السلام) ايضاً:"من لم يرتدع يجهل"(14) ثالثاً: التقوى: فقد كتب إمامنا الباقر (عليه السلام) إلى سعد الخير: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني اوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة في المنقلب إن الله (عزوجل) يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله"(15) إذن التوبة هي سبب للتوفيق الإلهي الذي يؤدي فيما يؤدي إليه من إكمال العقل. رابعاً: الوقوف عند الشبهة: وقال (عليه السلام ): "لا ورع كالوقوف عند الشبهة"(16). فإن الوقوف عند الشبهات سبب من أسباب التوفيق الإلهي بلا شك. خامساً: الاعتراف بالجهل: كما روي عن الإمام علي (عليه السلام): "غاية العقل الاعتراف بالجهل"(17) إذ الاعتراف بالجهل يدفع الإنسان دوماً إلى مزيد من بذل الجهد واكتساب المعارف. مما تقدم تتضح جلياً صحة هذه المقولة دلالةً، إذ إن العقول فعلاً لا تقاس بالأعمار لأن كلٍاً من زيادتها ونقيصتها منوطٌ بالعديد من العوامل الأخرى والتي تقدم ذكرها، بيد إن ذلك لا يبرر التساهل في نشرها والتهاون في الاستشهاد بها على إنها من أقوال أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) لعدم ثبوت ذلك سنداً من جهة ولضعف بلاغتها وركاكة تركيبها بالنسبة إلى سيد البلغاء والبلاغة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب اللغة ج1 ص65 (2) لسان العرب ج11 ص458 (3) نهاية الحكمة ص305 (4) ميزان الحكمة ج3 ص333 (5) أصول الكافي ج1، ح3 / 11 (6) نهج السعادة ج9 ص163 (7) الكافي ج7 ص94 (8) الفقيه ج3 ص493 (9) الاختصاص ص245 (10) نهج البلاغة حكمة 86 (11) بحار الأنوار ج72 ص105 (12) المصدر السابق ج1 ص94 (13) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص118 (14) الكافي ج8 ص73 (15) وسائل الشيعة ج1 ص162 (16) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص1 بقلم الكاتبة: رضا الله غايتي
اخرىرحلةٌ مثقلة بالألم في طريق يئن من وطأة الظلم! ينهي حياة زوجية فشلت في الوصول إلى شاطئ الأمان. ويبدد طموحات أطفال في العيش في هدوء نفسي واجتماعي تحت رعاية أبوين تجمعهم المودة والرحمة والحب. الطلاق شرعاً: هو حل رابطة الزواج لاستحالة المعاشرة بالمعروف بين الطرفين. قال تعالى: [ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)].(١). الطلاق لغوياً: من فعل طَلَق ويُقال طُلقت الزوجة "أي خرجت من عصمة الزوج وتـحررت"، يحدث الطلاق بسبب سوء تفاهم أو مشاكل متراكمة أو غياب الانسجام والحب. المرأة المطلقة ليست إنسانة فيها نقص أو خلل أخلاقي أو نفسي، بالتأكيد إنها خاضت حروباً وصرعات نفسية لا يعلم بها أحد، من أجل الحفاظ على حياتها الزوجية، ولكن لأنها طبقت شريعة الله وقررت مصير حياتها ورأت أن أساس الـحياة الزوجيـة القائم على المودة والرحـمة لا وجود له بينهما. فأصبحت موضع اتهام ومذنبة بنظر المجتمع، لذلك أصبح المـجتمع يُحكم أهواءه بدلاً من الإسلام. ترى، كم من امرأة في مجتمعنا تعاني جرّاء الحكم المطلق ذاته على أخلاقها ودينها، لا لسبب إنما لأنها قررت أن تعيش، وكم من فتاة أُجبرت قسراً على أن تتزوج من رجل لا يناسب تطلعاتها، لأن الكثير منهن يشعرن بالنقص وعدم الثقة بسبب نظرة المجتمع، وتقع المرأة المطلّقة أسيرة هذه الحالة بسبب رؤية المجتمع السلبيّة لها. وقد تلاحق بسيل من الاتهامات وتطارد بجملة من الافتراءات. وتعاني المطلقة غالباً من معاملة من حولها، وأقرب الناس لها، بالرغم من أن الطلاق هو الدواء المر الذي قد تلجأ إليه المرأة أحياناً للخلاص من الظلم الذي أصبح يؤرق حياتها الزوجية، ويهدد مستقبلها النفسي، والله تعالى لم يشرع أمراً لخلقه إلا إذا كان فيه خير عظيم لهم، والطلاق ما شرّع إلا ليكون دواء فيه شفاء وإن كان مرّاً، وإن كان أمره صعباً على النفوس، حيث قال عز وجل: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"، روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق) (٢). ورغم أن الشريعة الإسلامية أباحت الطلاق بشروط تلاءم لبناء المجتمع، وأولت أهمية في الإحسان دائمًا للطرف الأضعف والأكثر خسارة في هذه المعادلة وهي "المرأة"، إلا أن المجتمع الذي يدّعي الإسلام لا يرحمها، ويحكم عليها بالإدانة طوال حياتها دون النظر في صحة موقفها في الطلاق من عدمه! قال( تعالى ): [الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] (٣). ولكن بعد كل هذا فالحياة لم ولن تتوقف بعد الطلاق! الطلاق ليس نهاية الحياة. - أخيتي. ليكن الطلاق بداية جديدة لحياة جديدة وللانطلاق. -قطار العطاء لن يتعطل. فإن كنت السبب في الطلاق فالحمد لله على كل حال وتلك أمة قد خلت وأيام ذهبت وانجلت فلست بالمعصومة من الخطأ. وعليك استدراك الأخطاء وتقوية مواطن الضعف في شخصيتك، واجعليها درساً مفيداً في الحياة لتطوير نفسك وتقويتها. وإذا كنتِ مظلومة فهناك جبار يُحصي الصغير والكبير وسيأتي يوم ينتصر لك فيه. -ومن الجميل أن تعطي نفسك الإحساس بالحب والاحترام، ولا تتأثري بأي نظرة سلبية من المجتمع وكون البعض يتعامل مع المطلقة على أنها حالة خاصة فعليكِ إثبات ذاتك حتى تفرضي على الكل شخصيتك. - نظرتك لنفسك اجعليها نظرة ايجابية مشرقة ولا تنزلقي في مستنقع نبذ الذات وظلم النفس. - ابحثي عن الصفات الجيدة فيك فإن ذلك سيشعرك بالثقة في ذاتك والتقدير لها. -حاولي مراجعة نفسك للخروج بإيجابيات حصلت لك من طلاقك. - خالطي الآخرين وإياك والعزلة بسبب وضعك الجديد فلست بأول من يبتلى بالطلاق. -استمتعي بالموجود ولا تتعلقي بالمفقود، حلقي بروح تعبق أملاً وتفاؤلاً، استمتعي بما وهبك الله من نعم (صحة وأولاد وأهل وصديقات وعمل وهوايات وغيرها من الأمور الجميلة) فما حصل لك حصل… ولابد أن تتقبليه برضا، وأعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. وقال أصدق من قال: ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم). فالرضا سر السعادة الحقيقي. - اقتربي من صديقاتك الصالحات، واقضي معهن وقتاً طيباً تنسين به ألمك وحزنك. - احرصي على الصلوات وقراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار وأكثري من الطاعات قدر ما تستطيعين، ففيها السلوى والفرح والسعادة. ونعم سعادة القرب من الرحمن. - اشغلي نفسك بأعمال البر والإحسان بمساعدة محتاج. بكفالة يتيم. بتعلم الفقه والقرآن وتعليمه. - اجتهدي في عمل برنامج يومي لك يكون ممتلأ بكل ما هو مفيد لك. من قراءة وزيارة الأصدقاء وصلة الرحم. بحيث لا تكون هناك دقيقة أنت فارغة فيها. - وأسرعي بقاربك الجميل بمجذافين من إيمان بالله وثقة بالنفس وسوف تصلين بإذن الله نحو جزيرة السعادة والنجاح. لكي تتسلق جبال الإنجاز، وتصل لأعلى مراتب الاعجاز. وعندها جزماً سيكون للحياة معنى آخر. --------------------------------- (١)-سورة البقرة الآية (٢٢٦-٢٢٧). (٢)-الكافي (٢)-سورة البقرة الآية (٢٢٨) حنان ستار الزيرجاوي
اخرىانتشرت بين الناس في برامج التواصل الاجتماعي والمنتديات والمواقع الالكترونية الكثير من المقولات المنسوبة للإمام علي بن ابي طالب( عليه السلام )، وهي روايات كاذبة ومنسوبة ولا يوجد لها دلالة في الكتب الحديثية. ومنها هذه المقولة: - [يقول علي بن ابي طالب عليه السلام : كنت اطلب الشيء من الله ... فإن اعطاني اياه كنت افرح مره واحده . وإن لم يعطيني اياه كنت افرح عشر مرات . لأن الاولي هي اختياري ، أما الثانية هي اختيار الله عز وجل ] هذه المقولة كذب لا أصل لها ولا دلالة. فلم أجد لها سنداً في الكتب الحديثية أبداً. اما من حيث المعنى فهي مخالفة للقرآن وللاحاديث النبوية وروايات اهل البيت عليهم السلام، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى أمر بالدعاء وضمن الاستجابة حتى ولو بعد حين. قال تعالى في محكم كتابه العزيز : (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ). - روي عن رسول الله( صلى الله عليه وآله) أنه قال: «افزعوا إلى الله في حوائجكم ، والجأوا إليه في ملماتكم ، وتضرعوا إليه ، وادعوه؛ فإن الدعاء مخ العبادة وما من مؤمن يدعو الله إلا استجاب؛ فإما أن يعجله له في الدنيا ، أو يؤجل له في الآخرة ، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا؛ ما لم يدع بماثم» (١) . تأملوا : (افزعوا إلى الله في حوائجكم) ، (والجأوا إليه في ملماتكم) ، (وتضرعوا إليه). إنما يستعين الانسان على قضاء حوائجه الدنيوية والاخروية بالدعاء والابتهال والتضرع الى الله سبحانه وتعالى، فإذا كان المؤمن يفرح بعدم اعطائه حاجته فلماذا يفزع وأي مؤمن علي بن ابي طالب( عليه السلام )الذي لا يطلب حاجة للدنيا . - عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام : «اكثروا من أن تدعو الله ، فإن الله يحب من عباده المؤمنين أن يدعوه ، وقد وعد عباده المؤمنين الاستجابة» (٢). إن الله يشتاق إلى دعاء عبده ، فإذا أقبل العبد بالدعاء على الله أحبه الله ، وإذا اعرض العبد عن الله كرهه الله. عن معاوية بن وهب عن ابي عبدالله الصادق عليه السلام قال : «يا معاوية ، من اعطي ثلاثة لم يحرم ثلاثة : من اعطي الدعاء اعطي الاجابة ومن اعطي الشكر اعطي الزيادة ، ومن اعطي التوكل اعطي الكفاية ؛ فان الله تعالي يقول في كتابه : (ومن يتوكل علي الله فهو حسبه). ويقول : (لئن شكرتم لأزيدنكم). ويقول : (ادعوني استجب لكم)(٣). إن بين الدعاء والاستجابة علاقة متبادلة ، وأي علاقة أفضل من أن يقبل العبد على ربه بالحاجة والطلب والسؤال ، ويقبل الله تعالى على عبده بالإجابة ويخصه بها؟ قد يؤجل الله تعالى إجابة دعاء عبده المؤمن ليطول وقوفه بين يديه، ويطول إقباله عليه وتضرعه إليه ... فإن الله يحب أن يسمع تضرع عبده ، ويشتاق إلى دعائه ومناجاته. وفي الختام نقول: الأسلوب لا يخلو من الركاكة ، و من يعرف بلاغة وفصاحة الإمام علي بن ابي طالب( عليه السلام ) يعرف أنه لم يقل هذا الكلام. فلا يجوز نشر مثل هذه المقولات المنسوبة بين المسلمين إلا لبيان أنها كلام مكذوب وموضوع ومنسوب للإمام ( عليه السلام ). لأن ديننا ومذهبنا علمنا أن نتحقق ونبحث في صحة وسند الرواية قبل نقلها . ---------------------------- (١)- بحار الانوار ٩٣ : ٢. ٣. (٢)- وسائل الشيعة ٤ : ١٠٨٦ ، ح ٨٦١٦. (٣)-خصال الصدوق ١ : ٥٠ ، المحاسن للبرقي ٣ ، الكافي : ٦ في ١١ : ٤ من جهاد النفس. حنان الزيرجاوي ينشر 3
اخرى