بعد ما انهى الوالد صلاته وعقب بالادعيه والتسبيحات ، التفت لولده الذي كان مستغرقاً في مشاهدة التلفاز ، الى انه قد بلغ العاشرة من العمر وحان الوقت لان يعلمه الوضوء والصلاه لان التعلم في الصغر كالنقش على الحجر ناداه : ولدي سعيد . فأجابه : نعم ياوالدي الاب : اريد ان اعلمك الوضوء والصلاة ياعزيزي وخصوصا انك تقترب من سن التكليف ، ولأن الصلاة عمود الدين . سعيد : يسرني ان تعلمني يا ابي ولكن ماهو سن التكليف؟ الاب : هو السن الذي يتوجب فيه اداء التكاليف الشرعيه والاعمال العباديه كالصلاة والصيام والزكاة وغيرها .. وسن التكليف للبنت تسع سنوات هلاليه اما الولد خمسة عشر سنه وقد تكون اقل من ذلك . سعيد : ولكني لم ابلغ سن التكليف بعد . الاب : صحيح ياولدي ولكنك في عمر التمييز وتؤجر على اداء العبادات ولاتعاقب على تركها وكلما تعلمت من الصغر كان ذلك افضل لك واحفظ لدينك . . يرد سعيد بحماس : علمني يا ابي ؛ كي اصلي بجانبك وأنال الاجر الكريم . تبسم ابوه وبدأ بتعليمه الوضوء قائلا : الوضوء غسلتان غسل الوجه واليدين ، ومسحتان مسح الرأس والقدمين ويجب ان تسبقه النية والطهاره وهو من شروط الصلاه ( فلا صلاة بلا طهور ) هل تحب ان اخبرك عن موقف لطيف حدث للامامين الحسن والحسين ع عن الوضوء ؟ سعيد : شوقتني لسماعه يا ابي . الاب : في يوم ما خرج الحسنان ع وهما صغيران الى المسجد وفي طريقهما شاهدا رجلا كبيرا يتوضأ ولكنه يخطئ في الوضوء ، فنظر احدهما للآخر لانه يجب تعليمه الوضوء الصحيح ، ولكنهما لايريدان ان يقولا له انك تخطئ بالوضوء تأدبا واحتراما للشيخ ، فهل تدري ماذا فعلا ؟ سعيد : اكمل يا ابي ماذا فعلا . الاب : اقتربا من الشيخ وسلما عليه وقالا له : لقد تنازعنا فيما بيننا اينا وضوءه صحيح .. ايها الشيخ كن حكماً بيننا ويتوضأ كل واحد منا .. فتوضئا .. ثم سألاه : أينا يحسن الوضوء ؟ قال الشيخ كلاكما تحسنان الوضوء ولكني انا من لايحسن الوضوء وقد تعلمت منكما وتبت على يديكما ببركتكما وشفقتكما على امة جدكما . سعيد : ما اجمل اسلوبهما في تعليمه دون ان يشعراه بالاهانه . الاب : نعم يابني فهذه اخلاق اهل البيت (ع) ، وهذا الموقف فيه دروس وعبر منها : اولا : لزوم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وثانياً : يجب مراعاة الاسلوب المهذب والهادف للتوجيه والتعليم وثالثاً : ان معرفة الامامين وهما صغار باحكام الدين والتزامهم بأداء العبادات دافع ومشجع للصغار والكبار بأن يتعلموا منهم ويقتدوا بهم . سعيد : شكرا لك يا ابي لقد استفدت كثيرا من حديثك . الاب : على الرحب والسعة ، اسأل الله ان يجعلك ياولدي من المقيمين للصلاة ومن الناصرين لامام زمانه . ام حيدر الموسوي
اخرىلتكون إنساناً إيجابياً... عليك أن تعتبر كل محاولاتك الفاشلة…. تجارب تأخذ منها العبره لتزداد خبره ، ولا تعيد الخطأ مرة بعد مرة للنجاح في الحياة . وتعتبرها اساليب واسباب لفك الرموز وحل المشاكل التي تواجهك وقد تؤدي الى الفشل . وتجعل من محاولاتك الفاشله .. مفاتيح لفتح الابواب المقفله امام طريق السعي نحو النجاح للوصول الى الهدف . وتجعلها جسرأ تسلكه لتعبر المحن والصعوبات التي تواجهك للوصول الى الحلول في محاولاتك القادمه . ام حيدر الموسوي
اخرىكيف اقدم شكري وماذا اقول وانت بالعطاء شمس لا يعتريها الافول حسين زوار جئناك شوقاً نروم جلاء الهموم ونيل المراد ولأعمالنا القبول كريم تجود وتعطي دون امتنان كيف لا وانت ابن الوصي فحل الفحول احتارت الاقلام بحقك ماذا تكتب وكيف تسطر وبماذا تصف فضلك العقول هاجت مشاعر الحب والولاء ودموع الشوق سالت عند الوصول واليك بثثنا شكوانا والرجاء املاً بشفاعتك كربنا وبلاءنا يزول فمالنا سواكم الى الله وسيلة يامن ليس لكم ند وما لنا عنكم عدول ام حيدر الموسوي
اخرىالجزء التاسع بقلم/ نرجس مرتضى الموسوي دموع.... بعد مرور فترة من زواجي، كنت أشعر اني أعيش لقرون مع أشخاص غريبي الأطوار، حتى اني بدأت أشك بأني مجنونه لأن سامي كان لا يناديني باسمي، كانت دائما يقول يامجنونه يا...يا.. ...(ألفاظ نابية ) انت لا تعرفين شيئا، انت لا تفهمين، حتى حين يزورونا أقاربه يتكلم علي بكلماته البذيئه فأشعر بالخجل، رغم أني أرى في عيون أقاربه يلفها الحزن ممزوجة بنظرة احتقار لما يفعله بي، لم أكن أعلم ماذا أفعل، لمن اشتكى لأبي الذي لم يسأل عني ابدأ، كاني كنت ثقلا عليه وتخلص مني، ام لأمي التي تخشى حتى أن تتصل بي. اه أين أنت ياوسام، كم افتقدك، لقد فارقت روحي جسدي عند رحيلك ولا أحب أن اشغلك بهمي وانت بعيد عني متى تعود .. شعرت اليوم اني يجب أن اغير حياتي، يجب أن لا استسلم لطريقة معاملته الجافة والقاسية. اكملت تحضير الغداء وذهبت الى غرفتي ﻷصلي دخل سامي ونادى أين انت يا...... لم أجبه _لماذا لا تجيبين يا... _انت لم تذكر اسمي _ماذا؟ انت قلت. .أين أنت يا...وأنا اسمي دموع _كيف تجرئين ان تخاطبيني بهذه الطريقة يبدو أن أهلك لم يعلموك كيف تتكلمين مع زوجك، سحبني من شعري ودفعتي خارج البيت ورمى عبائتي واقفل الباب جلست في حديقة المنزل أبكي وانتظره لعله يهدأ ويفتح الباب لكني سمعته يقول لبيداء _ان طرقت الباب لا تفتحيه _خيرا فعلت يا أخي أنها لا تناسبك ابدا خرجت من البيت وبدأت امشي، لا أعلم ماذا أفعل وبينما كنت اعد خطواتي تأهة، اناجي ربي ليهديني لطريق النجاة، سمعت صوت ينادي باسمي .. توقفت هنيهة ...ظننت ان بيداء تناديني كي ادخل ولكني رأيت امرأة كبيرة بالسن تقود سيارة _دموع _نعم _الى اين تذهبين _لا اعلم _هل حدث لك شيء _ماذا... نعم..قصدي لا _هل تريدين ان اصحبك إلى مكان ما _نعم أريد أن أذهب لبيت أهلي فإنا لا اعرف كيف أصل إليه _اصعدي _شكرا لك _ هذا واجبي لقد كانت والدة زوجة أخي وسام كأن الله أرسلها لي في الوقت المناسب شكرتها، ودخلت إلى بيت أهلي استغرب والداي لدخولي في هذا الوقت المتأخر، وانا ارتدي ملابس البيت ولم البس سوى عبائتي _جلست ولم استطيع ان اتكلم كل شيء حولي يميل السواد لكن يبقى في داخلي امل ان هناك نور سوف يضىء عتمة ايامي كان أبي يلاحقني بنظراته الحادة كم تمنيت أن يحضنني واشكو له ما حدث لي وما أن بدأت بالحديث..حتى رن جرس الباب ذهب ابي وسمعت سامي يصرخ، لقد خرجت دموع من غير أذني، نظر ابي إلي وبراكين الغضب تقدح من عينه .. حتى انه لم ينتظر حتى اشرح له ما حدث، ولم يسألني كيف تخرجين من غير إذن زوجك، ولماذا _أبي ...ابي ...اسمعن(إنه لا يصغي لما اقول) فقبل ان اتفوه بكلمة، رفع يده إلى أعلى واسقطها على وجهي قائلا بنبرة غضب _لا يحق للمرأة أن تخرج من بيت زوجها من غير إذنه لقد جمد سامي في مكانه بقيت امي مذهولة لا تعلم ماذا تفعل جابر وعصام ينظران من بعيد وكأن الأمر لا يعنيهم ابدا وقفت ومسحت دموعي وبحلقت في عيني ابي _أسألك سؤال هل خرجت يوما من بيتك (ولم أستطع أن أقول ياأبي )من غير رضاك فلم يجيني ... ترى كيف اخرج من بيت زوجي من غير رضاه..وكيف اخرج وانا لا ارتدي كامل حجابي وبملابسي هذه، سأذهب الآن معه لكي أثبت لك اني صادقه. اما سامي لم ينبس ببنت شفه، يبدو أنه لم يتوقع أن يضربني ابي، والحقيقة ان زوج عمتي هو ابي الحقيقي وهذا الشخص لا أعرفه هو مجرد اسم مكتوب في سجلات الدوله يدل على أني إبنته . كيف لي أن اتوقع الحب والحنان من زوجي الذي رأى ابي يضربني بمنتهى القسوة...ها انا كالكرة يتقاذفها أب وزوج لم تعرف الرحمة طريقا إلى قلوبهم. يتبع......
اخرىفرع من شجرة النبوة زكا وغصن منها اورق ، ونور من دوحة الامامة اشرق ، من نسب اضاء سماء الدنيا بروح الاسلام وجوهر الايمان ، ولد الامام الهادي من آباء هم اعجوبة الدنيا بمواهبهم وعبقرياتهم ؛ فأبوه هو الإمام محمّد الجواد(عليه السلام) وأُمّه الطاهرة التقيّة سمانة المغربية ، وقد تقلد الزعامه الدينيه وتسلم المرجعيه العامه للأمه ،بعد استشهاد ابيه الامام محمد الجواد ع ، وله من العمر ست سنوات وقيل ثمانيه ، وكانت ولادته في النصف من ذي الحجّة أو ثاني رجب سنة اثنتي عشرة أو أربع عشرة ومائتين ، في قرية ( صريا ) على بعد ثلاثة أميال عن المدينه . وعلى الرغم من صغر سنه فقد اجتمعت فيه خصال الامامه وجوامع الفضائل ، وجسد الولاية الربانيه بمفهومها النبيل ومحتواها الاصيل ، مما دل انه لاوارث لمقام ابيه سواه ، اضافة الى ثبوت نص الامامه عليه ، والاشارة بالخلافة اليه من ابيه الامام الجواد ع ، عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ أَبُو جَعْفَرٍ ع مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى بَغْدَادَ فِي الدَّفْعَةِ الْأُولَى مِنْ خَرْجَتَيْهِ قُلْتُ لَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ فِي هَذَا الْوَجْهِ فَإِلَى مَنِ الْأَمْرُ بَعْدَكَ فَكَرَّ بِوَجْهِهِ إِلَيَّ ضَاحِكاً وَ قَالَ لَيْسَ الْغَيْبَةُ حَيْثُ ظَنَنْتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَلَمَّا أُخْرِجَ بِهِ الثَّانِيَةَ إِلَى الْمُعْتَصِمِ صِرْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَنْتَ خَارِجٌ فَإِلَى مَنْ هَذَا الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِكَ فَبَكَى حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ عِنْدَ هَذِهِ يُخَافُ عَلَيَّ الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِي إِلَى ابْنِي عَلِيٍّ. (١) فقد كان كآبائه الائمة المعصومين عليهم السلام بين الشيعة والموالين لهم مكانه لا يرقى اليها اي مخلوق ، لأنهم الامتداد الطبيعي المتصل لجدهم الرسول المصطفى ص ، والامناء على تبليغ رسالته السماويه الى كافة البشريه . فهم الرواد لكل فضيله ، والورثة للعلم والحكمة والمكارم والصفات الحميدة ، انحدر الامام العاشر من هذه السلاله العظيمه، وتميز بين الناس في عصره منذ نعومة اظفاره بالنبوغ المذهل والذكاء الباهر ، وبروز العلم والمعرفة والتقوى والقيادة والريادة فيه ، وبظهور امارات الامامه عنده والكرامات والمعجزات مالا ينكرها العدو والصديق . حتى ان المتوكل العباسي وهو من اشد اعدائه كان يرجع الى رأي الامام ع في المسائل التي اختلف فيها العلماء في عصره مقدماً رأيه على آرائهم . وتشهد له الكثيره من المناظرات والاجوبه في البحوث العقائديه التي تدل على انه اعلم اهل زمانه ، فقد ذكر الشيخ الطوسي في كتابه (الرجال) نحو (١٨٥) تلميذا وراويا انتهلوا من علمه ، ورووا عنه الحديث او كاتبوه بمسائلهم فأجابهم . وقد استفيد من علومه ومعارفه بما حفلت كتب الفقه والعقيده والتفسير والمناظره والحديث والروايه من آثار غزارة علمه الذي لا يحد بزمان او مكان وفقهه الذي لايجارى ، وخير شاهد على ذلك كتاب مسند الامام الهادي (ع) الذي جمعه الشيخ عزيز الله العطاري بأربعمئة صفحه . وقد ادى الامام دوره لأرشاد الظالين والمنحرفين عن طريق الحق وسعى الى هدايتهم الى سواء السبيل ، وكان بمكارم خلاقه وتواضعه وحسن سيرته واحسانه يدعوا الناس الى الاصلاح والإرشاد ، مواظباً على العباده والورع والزهد غير حافل بمظاهر الحياة الفانيه ونعيمها الزائل كريماً سخياً ، متجهاً الى الله تعالى وراغباً فيما اعده له في دار الخلود . وروى الشيخ الصدوق بالاسناد الى ابي هاشم الجعفري ، قال : أصابتني ضيقة شديدة، فصرت إلى أبي الحسن علي بن محمد (عليهما السلام)، فأذن لي، فلما جلست قال: يا أبا هاشم، أي نعم الله عز وجل عليك تريد أن تؤدي شكرها؟ قال أبو هاشم: فوجمت ، فلم أدر ما أقول له، فابتدأ (عليه السلام) فقال: رزقك الايمان، فحرم به بدنك على النار، ورزقك العافية فأعانتك على الطاعة، ورزقك القنوع فصانك عن التبذل. يا أبا هاشم، إنما ابتدأتك بهذا، لأني ظننت أنك تريد أن تشكو إلي من فعل بك هذا، وقد أمرت لك بمائة دينار، فخذها .(٢) وكان مهاباً في قلوب الناس وقد اجمعوا على تعظيمه وإجلاله والاعتراف له بالفضل والزعامه من قبل الخواص والعوام والساده والمشايخ الكبار ، روى محمد بن الحسن الأشتر العلوي : كنت مع أبي على باب المتوكل في جمع من الناس ما بين طالبي إلى عباسي وجعفري فتحالفوا لا نترجل لهذا الغلام فما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا - يعنون أبا الحسن (ع) - فما هو إلا أن اقبل وبصروا حتى ترجل له الناس كلهم فقال لهم أبو هاشم : أليس زعمتم انكم لا تترجلون له؟ فقالوا: والله ما ملكنا أنفسنا حتى ترجلنا. (٣) وعاصر الامام الهادي ع مدة حياته ستة من ملوك الدولة العباسية وهم : المعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز ، واستشهد في ايام حكم المعتز ، وقد عانى وقاسى من ظلمهم وجورهم كما عانى آباؤه الكرام ، حيث احكموا قبضتهم على الحكم ، وسعوا بكل وسيله لأقصاءه وابعاده عن الساحة الدينيه والسياسيه ، وبما ان عصر الامام كان قريباً من عصر الغيبة المرتقب فقد كان له دوراً كبيراً في التمهيد لاستقبال هذا العصر الجديد الذي لم يكن معهوداً عند الشيعه ؛ لان حياتهم كانت في ظل الارتباط المباشر مع الائمه (ع) ، فتولى مهمة احضار السيده نرجس واختيارها زوجة لولده الامام الحسن ، وتهيئة الترتيبات اللازمه تمهيدا لولادة الامام المهدي خفية ، والاشارة الى امامته بعد ابنه الامام الامام الحسن في عدة نصوص وروايات ، ولتحقيق عنصر الارتباط بالامام في مرحلة الغيبة الاولى الصغرى ، عمل الامام على ربط حلقة الوصل بين شيعته ببعض وكلائه ، بعدما كسب ثقة الشيعة بهذا الوكيل الذي تولى مهمة الوكاله للأئمه الهادي والعسكري والمهدي (ع) معاً، وبهذا يكون قد مهد لسفارة الامام المهدي (عج) من خلال السفير الاول عثمان بن سعيد العمري الذي اعتاد اتباع اهل البيت (ع) الارتباط بالأمام المعصوم من خلاله ، وبهذا سعى لتحقيق الاعداد النفسي والاستعداد الواقعي لقضية غيبة الامام المهدي (عج) من قبل شيعته . فقد كان دور الامام للتهيئه لعصر الغيبة مهماً واساسياً مع تداول التصريحات بين المسلمين عامه سنة وشيعه حول غيبة الامام الثاني عشر من ائمة الهدى (ع) ، المنتظر الموعود (عج), وبرغم الضغوطات التي فرضتها السلطه الحاكمه عليه واحكام الرقابة على داره في سامراء الا انه كان يمارس دوره ونشاطه التوجيهي بحذر ، مستعيناً بما اسسه جده الامام الصادق ع من جهاز الوكلاء ، واحكم دعائمه ابوه الامام الجواد ع ، الذي سعى من خلاله تقديم اهم الاحتياجات للشيعه اعانة لهم في ظرفهم العصيب . ومن اجل ان يتجه الشيعه نحو الاستقلال المطلوب في عصر الغيبة الكبرى ، فسعى بجهده في أعداد العلماء والفقهاء ورفد المسلمين بالعطاء الفكري والديني والاخلاقي والعقائدي والفقهي ، وظل يمارس مسئولياته التربويه بكل ماتسنى له من الوسائل ، فتارة يدعو لشيعته لقضاء حوائجهم ، وتارة يلبي حاجاتهم الماديه ويجود عليهم بسخائه ويسعفهم بما يحتاجوه من اموال ، واخرى يحذرهم بصريح الكلام حول المكائد التي تحاك ضدهم والمزالق التي تنتظرهم ، حتى ادركت السلطه آنذاك خطورته رغم كل ممارسات الظلم والجور في حقه فسعت الى تصفيته وقتله بدس السم اليه كما حدث لآل البيت (ع) من قبل ، فما منهم الا مقتول أو مسموم ، فأستشهد الامام الهادي ع بالسم على يد المعتز لعنه الله (تعالى) في سنة اربع وخمسين ومائتين للهجره ، في مدينة سامراء ، ودفن فيها واليوم قبته تعانق السماء هيبة واجلالاً ، يتوافد اليه المسلمون من بقاع الأرض للتبرك بزيارته ونيل شفاعته فسلام عليه وعلى آبائه المعصومين وابنائه المنتجبين مابقي الدهر ، وما اشرقت الشمس وأضاء القمر . ~ ~~~ ١-الكليني الرازي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق (المتوفى328 هـ)، الكافي، ج 1 ص 324. ٢-الأمالي - الشيخ الصدوق - الصفحة ٤٩٨ ٣- مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٥١١ ام حيدر الموسوي
اخرىالجزء الثامن بقلم/نرجس مرتضى الموسوي سامي بعد وفاة والديه عاش هو وأخته بيداء فتاة ثلاثينة عزباء، بيته كان ذو مساحة واسعة وحديقة جميلة، فيها أشجار كثيفة متشابكة، في زاوية الحديقة البعيدة هناك قفص كبير لطيور الحب تتراقص بالوانها الزاهيه، أما البيت من الداخل كان كئيبا بمجرد أن تدخل فيه تشعر بالطاقة السلبية تحوم حولك، فكل ما فيه قديم الأثاث والديكور تفوح منه رائحة الموت. في اليوم الأول من زواجهم.. استيقظ سامي مبكرا للذهاب إلى العمل بنبرة إحتدام ايقض دموع قائلا _دموع هيا استيقظي وأعدي لي الفطور اليس من المفروض أن تستفيقي قبلي ياكسولة _جلست مستغربه من طريقة حديثه، (اجتاحت الأسئلة في خلجها، هل هو حاد الطبع أم أنه يفعل هكذا ليخيفني من اليوم الأول فانا لا أعلم أنه سوف يذهب إلى العمل في اليوم الأول من زواجه، ولم يخبرني بذلك) قامت مسرعة من فراشها، رتبت شعرها ووضعت بعض مساحيق التجميل مما جعلها أكثر جمالا، دخلت إلى المطبخ وجدت بيداء تبحلق كلبوة جائعة متعطشة لسفك دم فريستها _كيف تنامين اليس من المفروض أن تستيقظي مبكرا وتعدي الفطور لأخي قبل ذهابه إلى العمل _انا لا أعلم أنه سيخرج اليوم ولم يخبرني حتى استيقظ واعد له الفطور. دفعتها بيداء ولم تصغي لما تقول _اخي...أخي الغالي أعددت لك الفطور _لماذا فعلت ذلك يابيداء وما فائدة هذه مشيرا بسبابته الى دموع اطلقت بيداء ضحكاتها باستهزاء ومكر وقالت تصورت انها الاميرة النائمة تعجبت دموع مما جرى ولم تعقب على حديثها خرج سامي وبعد قليل رن جرس الباب ذهبت دموع وفتحت الباب واذا بها أمها واخوها وسام وزوجته، رحبت بهم ولم تخبرهم بما حدث ،سألوها عن أحوالها أخبرتهم أنها بخير جلبوا معهم أكياس الفواكه والخبز والجبن والقيمر وعلبة عسل والمكسرات اخذتها دموع ووضعتم في المطبخ دخلت بيداء ورحبت بأهل دموع ثم جلست على الاريكة كالطاوس، داعبت شعرها، وهي تبحلق في وجه دموع وتستعد لترمي سيل مسموم من الكلمات، وضعت يدها على جانب الاريكة وقالت _مسكين أخي خرج ودموع نائمه وقد أعددت انا له الفطور أم عصام _ خرج في أول يوم من زواجه _نعم لا يستطيع أن يترك العمل، مسكين اخي انه يتعب كثيرا فهو يستحق زوجة تخدمه فلن تجد مثله بهدوء أجابت أم دموع _سوف تتعلم فهي لا تعلم مواعيد عمله وطباع سامي لف وجه بيداء الشعور بعدم الارتياح لكلام أم عصام وابتسمت ابتسامة شاحبة ثم خرجت من الغرفة بعد فترة وجيزة خرجت أم عصام قبلت دموع وقالت _ابنتي سوف تعتادين على طبع سامي أصبري ياأبنتي ودعها وسام وزوجته لأنهم سيرحلون إلى بلد أخر للعمل، ضاقت الدنيا بعين دموع، لأنه لم يكن مجرد اخ بالنسبةلها، هو من لون حياتها وانتشلها من ظلام الحزن، كيف ستصبر على فراقه، ومضت روحها تتأرجح بين ثنايا الهموم. يتبع.......
اخرىالجزء السابع بقلم/نرجس مرتضى الموسوي كل ما كانت تتمناه دموع هو أن تعيش وسط أسرتها بسلام، لكنها جاءت متأخرة جدا، لقد كانت تشعر بالغربة، اخوها عصام وجابر كانا لا يهمتمان لوجودها وأما زوجاتهما كانتا متعجرفتان ومتكبرتان وكانا يعاملانها كأنها خادمة عندهم، حتى والدها لم تتكلم معه إلا في الضرورة، ولقد حرمت من إكمال تعليمها، فلم يكن هناك من يهتم لأمرها سوى وسام وزوجته اللطيفة التي كانت تكن لها في قلبها معزة خاصة، فقد كانت تعاملها كأنها اختها الصغرى وأمها ، لكنهم لا يملكون القدرة دائما لدفع الأذى عنها، ومن البديهي أن يقبل أبو عصام بأول من يطرق بابه لخطبتها ليتخلص منها. تقدم لها رجل يكبرها باثنى عشر عاما، لا شيء يتميز به سوى إنه رجل أعمال ثري، عندما رأته دموع لم ترضى به وحاولت ان لا تتزوجه لكن كل محاولتها بائت بالفشل، ولم يكن لأمها أي دور في حياتها، حتى وسام وكل محاولته لم تنفع مع ابيه تمنت دموع لو ان عمتها على قيد الحياة، كانت ترعاها وتهتم بها أكثر من أسرتها وحتى زوج عمتها كان يحن عليها أكثر من والدها، كان ينتابها شعور في داخلها صوت يصرخ ويقول لها لن تكوني سعيدة، حدسها وشعورها الباطني جعلها تنفر منه. تم الزواج بسرعة، كانت تحدث نفسها قائلة _ قد يكون ذو أخلاق فلن أحكم عليه من شكله أو مظهره فالاخلاق تضيف إلى الرجل جمالا، ولعلي أجد في بيته الأمان والتمس الدفء والحب الذي افتقدته هنا ..يبدو أن قصة دموع الجزء الثاني سوف تبدا مع زوجها وان دموعها لم تنتهي ولن تجف. يتبع.....
اخرىالجزء السادس بقلم/ نرجس مرتضى الموسوي لم تمضي فترة من الزمن، حتى وافت زوج عمتها المنية، لقد صارع ألم المرض والفراق والم وجود دموع معه وهو مشغول بما سيحدث لها بعد رحيله من الدنيا، بقي وسام مع دموع تفترسهم الوحدة، لا تعلم ماذا يخبى لي القدر؟ وما هو مصيرها؟ رن جرس الباب، خرج وسام ورجع بسرعة يهرول، احتضن دموع بقوة وهو يرتجف، يلتفت يمنة ويسره، يحاول ان يجد طريقا للهرب، وهو يصرخ بصوت مرتفع قائلا _لن أجعلك تاخذها، لن اجعلك تحرمني منها أنها هدية السماء لي ولن أرميها تسمرت دموع في مكانها، كانت ترتعش كأنها قطة صغيرة تائهة، أمسكت بيد اخيها، عينها جمدت على الباب، تنظر من جعله مذعورا لهذا الحد، سألته وصوتها يرتعش من الخوف _من ...ماذا حدث ياأخي ؟ أجابها وسام _ لا تخافي ... لن اجعله يأخذك مني حتى لو قتلني دخل أبو عصام ولا يعلم ماذا يفعل كي يجعل وسام يهدأ دموع_من هذا يا أخي أبو عصام _ماذا تفعل ياولدي وسام أنا لن اؤذيها دموع وقد اصابها الذهول _ من أبي؟!!! وسام _ لقد سمعتك تريد أن تأخذها إلى أحد أقاربنا كتمت دموع انفاسها، لا تعلم ماذا تفعل كانت تتمنى أن ترى ابيها لكن ما فعله وسام جعلها تشعر بالرعب والخوف، لاذت وراء وسام، تمنت لو ان الارض انشقت وابتلعتها ولا يبعدها عن وسام فلم يبقى لها في هذه الدنيا غيره _لا ...لا... اهدأ ياولدي انك تخيفها اكثر، اسمعني ياولدي سوف نأخذها إلى بيتنا لحظة صمت تبادل وسام ودموع نظارات متناقضة خوف.،فرح ،تعجب _حقا ياأبي _نعم هيا بنا بقيت دموع تمسك بيد أخيها بشدة وهي لا تستوعب ما يحدث لها لم يتكلم أبو عصام مع دموع ولم ينظر اليها، عندما دخلت وجدت أمها تقف أمامها أرتمت بين أحضانها تبكي نظر أبو عصام لزوجته ثم قال _خذيها إلى غرفتها وأخبري أولادي وزوجاتهم أني أريد أن أتحدث معهم غدا ولا تتركيها اليوم نامي معها في الغرفة وسنتحدث غدا أن شاء الله بعد سنوات شعرت دموع بالدفىء في أحضان أمها. اجتمعت العائلة في اليوم التالي، جلسوا جميعا حول مائدة الطعام تنهد أبو عصام قبل أن يتحدث كأنه استسلم للأمر الواقع نظر إلى دموع بنظرة خالية من التعابير وأشار اليها _لقد احضرت اختكم لتعيش معنا .. ثم حرك كرسيه بهدوء، ومشى بخطوات متثاقلة، ودخل الى غرفتة واغلق الباب. يتبع .......
اخرىالجزء الخامس بقلم/ نرجس مرتضى الموسوي فتح وسام الرسالة التي كتبتها دموع ابي الغالي.. تعلمت الملاحة وانا في وقت مبكر، حتى ان الساعة توقفت ومات الزمن، في قاربي الصغير أبحرت وحيدة، ومع العواصف والرياح كتبت مغامرات السندباد، لم أجد حوريات البحر كانت أكذوبة، لم ارى القمر الذي يتغزل به العشاق كانت تكسوه سحاب سود تمتلىء غيضا وحقدا، لم أعد اشعر بدموعي بسبب غزارة المطر، لا يرعبني صوت الرعد وضوء البرق، اتعرف ياأبي ماذا حل بي ؟! هل تصحرت مشاعري ام جفت؟ هل لقيت حتفها؟ وعود واباطيل يتراقص بها المشعوذين امامي وما هي إلا سويعات وتكتب النهاية على رمال حياتي بعد رحيل عمتي، رغم أني لا اعرفك لكني أشعر انك حنون، لقد اخبرتني عمتي انك لم تأخذني معك لأن المكان الذي تعيش فيه بعيد جدا، والحياة فيه متعبة ولخوفك علي فضلت أن ابقى عند عمتي، والآن ياأبي بعد أن رحلت عمتي أشعر باحتياجي إلى أمي وإليك أكثر، لقد كانت عمتي الحضن الدافىء الذي ألجأ إليه فبعد أن تركتني لا أستطيع العيش بدونها، رغم أني في غاية السعادة؛ لأن أخي وسام سوف يعيش معي ولن اترك عمي وحده لأنه أيضا مريض ويعاني من الوحده لكني أتمنى أن أراك وأرى امي واخوتي أرجوك ياأبي لا تتركني فأنا احبكم أبنتكم دموع اغلق وسام الرسالة وقلبه يعتصر حزنا على أخته، تسائل... ترى إلى متى يبقى أبي هكذا؟ ولماذا يحرم اختي من العيش معنا ؟ سوف أواجه اليوم. وليفعل ما يشاء لن اترك اختي تتعذب أكثر . كانت علاقة ابو عصام بوسام تختلف عن عصام وجابر، كان يكن له حبا شديدا ومعزة خاصة. دخل وسام وقد امتزجن في نفسه مشاعر الخوف والغضب بالرغم من هذا كان شجاعا يمتلك شخصية قوية وله اسلوب فريد في الاقناع _أبي _نعم ياولدي وسام تعال وأجلس بقربي _أبي هل تحبني؟ _نعم ياولدي ما هذا السؤال ! ماذا بك؟ _حسنا ...أجبني عن سؤالي رجاء ياأبي . انا أعلم إنك تحبني كثيرا فأن اعطيتني هدية وغضبت من هديتك ورميتها فماذا ستفعل؟ استغرب أبو عصام من سؤال ابنه لكنه يعلم أن وسام شديد الذكاء وهناك أمرا ما وراء سؤاله _كيف ترمي الهديه لا يصح ذلك فالهدية دليل على حب الآخرين مهما كانت قيمتها فيجب أن تأخذها وتشكر من قدم لك الهدية _وقف وسام ودموعه ترقرق على وجنتيه وأبتعد عن أبيه، ورفع يده إلى السماء وقال _لقد أعطاك الله هدية بدل أن تشكره غضبت ورميتها لتعيش في بيت عمتي... وهذه رسالة كتبتها لك وضعها على الأرض وخرج. لم يكن أبو عصام يصدق ما يقوله وسام، ولم يجب ببنت شفه، نظر إلى الرسالة وهو متردد هل يقرأها او لا ... لكن دخول عصام وجابر وزوجاتهم جعله يفكر بسرعة أخذ الرسالة ووضعها في جيبه اقترب عصام من أبيه _ما بك ياأبي يبدو وجهك شاحبا هل أخذك للطبيب وماذا حدث لوسام لقد رأيته يركض وناديته كأنه لم يسمعني _لا شيء ياولدي سوف أذهب لأرتاح قليلا فأنا متعب أخبر والدتك أن تلحق بي _حسنا ياأبي ترى هل سيغير وسام موقف أبيه الذي ورثة من أعراف جاهلية، فبدل ؤد إبنتة جعلها تدفن في غياهب الدنيا بعيدة عنه كي لا تجلب له العار حسب ظن بعض الرجال الذين نزعت من قلوبهم الرحمة. يتبع .......
اخرىخلق الله الأشياء كلها في الحياة ضمن موازين وقياسات... فالزيادة أو النقيصة تسبب المشاكل فيها. وهكذا حياتنا وأفعالنا وعواطفنا لا بد أن تكون ضمن موازين دقيقة، وليست خالية منها، فالزيادة والنقيصة تسبب لنا المشاكل. ومحور كلامنا عن الطيبة فما هي؟ الطيبة: هي من الصفات والأخلاق الحميدة، التي يمتاز صاحبها بنقاء الصدر والسريرة، وحُبّ الآخرين، والبعد عن إضمار الشر، أو الأحقاد والخبث، كما أنّ الطيبة تدفع الإنسان إلى أرقى معاني الإنسانية، وأكثرها شفافية؛ كالتسامح، والإخلاص، لكن رغم رُقي هذه الكلمة، إلا أنها إذا خرجت عن حدودها المعقولة ووصلت حد المبالغة فإنها ستعطي نتائج سلبية على صاحبها، كل شيء في الحياة يجب أن يكون موزوناً ومعتدلاً، بما في ذلك المحبة التي هي ناتجة عن طيبة الإنسان، وحسن خلقه، فيجب أن تتعامل مع الآخرين في حدود المعقول، وعندما تبغضهم كذلك وفق حدود المعقول، ولا يجوز المبالغة في كلا الأمرين، فهناك شعرة بين الطيبة وحماقة السلوك... هذه الشعرة هي (منطق العقل). الإنسان الذي يتحكم بعاطفته قليلاً، ويحكّم عقله فهذا ليس دليلاً على عدم طيبته... بالعكس... هذا طيب عاقل... عكس الطيب الأحمق... الذي لا يفكر بعاقبة أو نتيجة سلوكه ويندفع بشكل عاطفي أو يمنح ثقة لطرف معين غريب أو قريب... والمبررات التي يحاول إقناع نفسه بها عندما تقع المشاكل أنه صاحب قلب طيب. الطيبة لا تلغي دور العقل... إنما العكس هو الصحيح، فهي تحكيم العقل بالوقت المناسب واتخاذ القرار الحكيم الذي يدل على اتزان العقل، ومهما كان القرار ظاهراً يحمل القسوة أحياناً لكنه تترتب عليه فوائد مستقبلية حتمية... وأطيب ما يكون الإنسان عندما يدفع الضرر عن نفسه وعن الآخرين قبل أن ينفعهم. هل الطيبة تصلح في جميع الأوقات أم في أوقات محددة؟ الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً.. لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية... فالطيبة حالة تعكس التأثر بالواقع لهذا يجب أن تكون الطيبة متغيرة حسب الظروف والأشخاص، قد يحدث أن تعمي الطيبة الزائدة صاحبها عن رؤيته لحقيقة مجرى الأمور، أو عدم رؤيته الحقيقة بأكملها، من باب حسن ظنه بالآخرين، واعتقاده أن جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والصدق والمحبة، ماي دفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثير من الأحيان، فمساعدة المحتاج الحقيقي تعتبر طيبة، لكن لو كان المدّعي للحاجة كاذباً فهو مستغل. لهذا علينا قبل أن نستخدم الطيبة أن نقدم عقولنا قبل عواطفنا، فالعاطفة تعتمد على الإحساس لكن العقل أقوى منها، لأنه ميزان يزن الأشياء رغم أن للقلب ألماً أشد من ألم العقل، فالقلب يكشف عن نفسه من خلال دقاته لكن العقل لا يكشف عن نفسه لأنه يحكم بصمت، فالطيبة يمكن أن تكون مقياساً لمعرفة الأقوى: العاطفة أو العقل، فالطيّب يكون قلبه ضعيفاً ترهقه الضربات في أي حدث، ويكون المرء حينها عاطفياً وليس طيباً، لكن صاحب العقل القوي يكون طيباً أكثر من كونه عاطفياً. هل الطيبة تؤذي صاحبها وتسبب عدم الاحترام لمشاعره؟ إن الطيبة المتوازنة المتفقة مع العقل لا تؤذي صاحبها لأن مفهوم طيبة القلب هو حب الخير للغير وعدم الإضرار بالغير، وعدم العمل ضد مصلحة الغير، ومسامحة من أخطأ بحقه بقدر معقول ومساعدة المحتاج ... وغيرها كثير. أما الثقة العمياء بالآخرين وعدم حساب نية المقابل وغيرها فهذه ليست طيبة، بل قد تكون -مع كامل الاحترام للجميع- غباءً أو حماقة وسلوكاً غير عقلاني ولا يمت للعقل بصلة. إن المشكلة تقع عند الإنسان الطيب عندما يرى أن الناس كلهم طيبون، ثم إذا واجهه موقف منهم أو لحق به أذى من ظلم أو استغلال لطيبته، تُغلق الدنيا في وجهه، فيبدأ وهو يرى الناس الطيبين قد رحلوا من مجتمعه، وأن الخير انعدم، وتحصل له أزمة نفسية أو يتعرض للأمراض، لأن الطيّب يقدم الإحسان للناس بكل ما يستطيع فعله، ويقدّم ذلك بحسن نية وبراءة منه، فهو بالتالي ينتظر منهم الرد بالشكر أو المعاملة باللطف على الأقل... صحيح أن المعروف لوجه الله، ولكن من باب: من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، لذلك يتأذى عندما يصدر فعل من الشخص الذي كان يعامله بكل طيب وصدق. هل الطيبة والصدق من علامات ضعف الشخصية؟ الكثير من الناس يصف طيب القلب بأنه ضعيف الشخصية، لأنه يتصف بعدم الانتقام ممن ظلمه، والصفح عنه عند رجوعه عن الخطأ، وأنه لا يحب إيقاع الآخرين بالمشاكل؛ لأنه مقتنع أن الله سيأخذ له حقه. والحقيقة هي أن الصدق والطيبة وحسن الظن بالآخرين ليست ضعف شخصية، بل هي من الأخلاق الراقية وهي تزيد صاحبها سمواً وجمالاً روحياً، وليس من المعيب أن يمتلك الإنسان الطيبة بل العيب في من لا يُقدّر هذه الطيبة ويعطيها حقها في التعامل بالمثل. فالمشكلة الأساسية ليست في الطيبة، إنما في استغلال الآخرين لهذه الطيبة، نتيجة لعدم عقلنة قراراتنا والاعتماد على عواطفنا بشكل كلي. فالصدق والطيبة حسب المنطق والعقل، ولها فوائد جمة للنفس ولعموم أفراد المجتمع، فهي تحصين للشخص عن المعاصي، وزيادة لصلة الإنسان بربه، وتهذيب للنفس والشعور بالراحة النفسية، فالصادق الطيب ينشر المحبة بين الناس، وهذا يعزّز التماسك الاجتماعي وتقويته من سوء الظنون والحقد، وهذا التعامل أكّدت عليه جميع الشرائع السماوية، ولو تأمّلنا تاريخ وأخلاق الأنبياء والأوصياء لوجدنا كل ما هو راقٍ من الأخلاق والتعامل بالطيبة والصدق... حنان الزيرجاوي
اخرىيستشهد الكثير من الناس ــ وحتى بعض المثقفين ــ بقول:" لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل وعاشر نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل" على أنه من أقوال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، كما يستشهدون أيضاً بقولٍ آخر ينسبونه إليه (عليه السلام) لا يبعد عن الأول من حيث المعنى:"اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت لأن الخير فيها باق، ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت لأن الشح فيها باق"، مُسقطين المعنى على بعض المصاديق التي لم ترُق افعالها لهم، لاسيما أولئك الذين عاثوا بالأرض فساداً من الحكام والمسؤولين الفاسدين والمتسترين عل الفساد. ونحن في الوقت الذي نستنكر فيه نشر الفساد والتستر عليه ومداهنة الفاسدين نؤكد ونشدد على ضرورة تحرّي صدق الأقوال ومطابقتها للواقع وعدم مخالفتها للعقل والشرع من جهة، وضرورة التأكد من صدورها عن أمير المؤمنين أبي الأيتام والفقراء (عليه السلام) أو غيرها من المعصومين (عليهم السلام) قبل نسبتها إليهم من جهة أخرى، لذا ارتأينا مناقشة هذا القول وما شابه معناه من حيث الدلالة أولاً، ومن حيث السند ثانياً.. فأما من حيث الدلالة فإن هذين القولين يصنفان الناس الى صنفين: صنف قد سبق له أن شبع مادياً ولم يتألم جوعاً، أو يتأوه حاجةً ومن بعد شبعه جاع وافتقر، وصنف آخر قد تقلّب ليله هماً بالدين، وتضوّر نهاره ألماً من الجوع، ثم شبع واغتنى،. كما جعل القولان الخير متأصلاً في الصنف الأول دون الثاني، وبناءً على ذلك فإن معاشرة أفراد هذا الصنف هي المعاشرة المرغوبة والمحبوبة والتي تجرّ على صاحبها الخير والسعادة والسلام، بخلاف معاشرة أفراد الصنف الثاني التي لا تُحبَّذ ولا تُطلب؛ لأنها لا تجر إلى صاحبها سوى الحزن والندم والآلام... ولو تأملنا قليلاً في معنى هذين القولين لوجدناه مغايراً لمعايير القرآن الكريم بعيداً كل البعد عن روح الشريعة الاسلامية ، وعن المنطق القويم والعقل السليم ومخالفاً أيضاً لصريح التاريخ الصحيح، بل ومخالف حتى لما نسمعه من قصص من أرض الواقع أو ما نلمسه فيه من وقائع.. فأما مناقضته للقرآن الكريم فواضحة جداً، إذ إن الله (تعالى) قد أوضح فيه وبشكلٍ جلي ملاك التفاضل بين الناس، إذ قال (عز من قائل):" يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)"(1) جاعلاً التقوى مِلاكاً للتفاضل، فمن كان أتقى كان أفضل، ومن البديهي أن تكون معاشرته كذلك، والعكس صحيحٌ أيضاً. وعليه فإن من سبق حاجتُه وفقرُه شبعَه وغناه يكون هو الأفضل، وبالتالي تكون معاشرته هي الأفضل كذلك فيما لو كان تقياً بخلاف من شبع وكان غنياً ، ثم افتقر وجاع فإنه لن يكون الأفضل ومعاشرته لن تكون كذلك طالما كان بعيداً عن التقوى. وأما بُعده عن روح الشريعة الإسلامية فإن الشريعة لطالما أكدت على أن الله (سبحانه وتعالى) عادلٌ لا جور في ساحته ولا ظلمَ في سجيته، وبالتالي لا يمكن أن يُعقل إطلاقاً أن يجعل البعض فقيراً ويتسبب في دخالة الخير في نفوسهم، التي يترتب عليها نفور الناس من عشرتهم، فيما يُغني سواهم ويجعل الخير متأصلاً في نفوسهم بسبب إغنائه إياهم ليس إلا ومن ثم يتسبب في كون الخير متأصلاً في نفوسهم، وبالتالي حب الناس لعشرتهم. فإن ذلك مخالف لمقتضى العدل الإلهي لأنه ليس بعاجزٍ عن تركه ولا بمُكره على فعله، ولا محب لذلك لهواً وعبثاً (تعالى عن كل ذلك علواً كبيراً). كما إن تأصل الخير في نفوس بعض الناس ودخالته في نفوس البعض الآخر منهم بناءً على أمر خارج عن إرادتهم واختيارهم كـ(الغنى والشبع أو الجوع والفقر) إنما هو أمرٌ منافٍ لمنهج الشريعة المقدسة القائم على حرية الانسان في اختياره لسبيل الخير والرشاد أو سبيل الشر والفساد، قال (تعالى):" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)"(2) بل إن الانسان أحياناً قد يكون فقيراً بسبب حب الله (تعالى) له، كما ورد في الحديث القدسي: "أن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى فلو أفقرته لأفسده ذلك و أن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر فلو أغنيته لأفسده ذلك"(3) وهل يمكن ان نتصور أن الخيرَ دخيلٌ فيمن يحبه الله (تعالى) أو إن معاشرته لا تجدي نفعا، أو تسبب الهم والألم؟! نعم، ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"اِحْذَرُوا صَوْلَةَ اَلْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ وَ اَللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ"(4) ولا يقصد به الجوع والشبع المتعارف عليه لدى الناس، وإنما المراد منه: احذروا صولة الكريم إذا اُمتُهِن، واحذروا صولة اللئيم إذا أكرم، وفي هذا المعنى ورد عنه (عليه السلام) أيضاً: "احذروا سطوة الكريم إذا وضع و سورة اللئيم إذا رفع"(5) وأما العقل السليم والمنطق القويم فإنهما يقتضيان أن تتأصل صفة الخير في الإنسان لملكاتٍ حميدة يتسم بها وصفات فضيلة يتميز بها، لا أن تتأصل صفة الخير في نفسه لمجرد أنه ولد في أسرة تتمتع بالرفاهية الاقتصادية ووجد في بيئة تتنعم بالثروات المادية! وعند مراجعتنا للتاريخ الصحيح نجد أن قادة البشر وصفوة الناس إنما كان أغلبهم ينتمي الى الطبقات الفقيرة من المجتمع، فهؤلاء الأنبياء ورسل الله (صلوات الله عليهم) منهم من كان نجاراً أو خياطاً أو راعياً، ومع ذلك فقد كانوا من أطيب الناس خلقاً، وأعظمهم شرفاً، وأرفعهم منزلةً، قد تأصّل الخير في نفوسهم تأصّلاً حتى غدوا قطعة منه، فكانوا هم الخير للبشر، وهم الرحمة للعالمين. وبالنزول إلى أرض الواقع نجد أن الكثير من الفقراء والمساكين طيبي الروح، كريمي النفس، يتألمون لألم المحتاج ولربما يؤثرونه على أنفسهم رغم حاجتهم. ولا نقصد من كلامنا هذا أن الأغنياء هم على نقيض ذلك، وإنما تأكيداً على مسألة عدم ارتباط تأصل الخير في النفوس وعدمه بمستواهم الاقتصادي الذي نشأوا فيه ارتباط العلة والمعلول، فكما إن بعض الفقراء أخيار، فإن بعض الأغنياء كذلك، والعكس صحيح أيضاً. ومن هنا يُفهم من بعض الروايات ضرورة عدم طلب الخير والحاجات ممن هم أهل للخير بقطع النظر عن مستواهم المعاشي الحالي والسابق، منها ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"أشد من الموت طلب الحاجة من غير أهلها"(5)، وعنه (عليه السلام) أيضاً: "فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها"(6) إذن فلا صحة لهاتين المقولتين من حيث الدلالة، حتى وإن تنزلنا وحملنا الجوع والشبع على المعنى المعنوي لا المادي؛ وذلك لأنه حتى من يفتقر الى الأخلاق المعنوية فإنه ما إن يتكامل بالفضائل ويقلع عن الرذائل حتى يتسم بالخير وتحسن عشرته وتطيب للناس صحبته، والعكس صحيحٌ أيضا.. ومن البديهي أن ما لا يوافق العقل والمنطق السليم، ويخالف صريح القرآن الكريم، لا يمكن أن يصدر من وصي الرسول الكريم (صلوات الله عليهما وآلهما)، وعليه لا تصح نسبة هذين القولين الى أمير المؤمنين (عليه السلام).. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحجرات 13 (2) الانسان 3 (3) عوالي الآلي ج2 ص29 (4) غرر الحكم ج1 227 (5) المدر السابق ج1 ص246 (6) ميزان الحكمة ج4 ص 238 رضا الله غايتي
اخرىبقلم: أم نور الهدى كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) اهتمام خاص بالمرأة، فنراه تارة ينظر إليها كآية من آيات الخلق الإلهي، وتجلٍ من تجليات الخالق (عز وجل) فيقول: (عقول النساء في جمالهن وجمال الرجال في عقولهم). وتارة ينظر إلى كل ما موجود هو آية ومظهر من مظاهر النساء فيقول: (لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليس قهرمانة). أي إن المرأة ريحانة وزهرة تعطر المجتمع بعطر الرياحين والزهور. ولقد وردت كلمة الريحان في قوله تعالى: (فأمّا إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة النعيم) والريحان هنا كل نبات طيب الريح مفردته ريحانة، فروح وريحان تعني الرحمة. فالإمام هنا وصف المرأة بأروع الأوصاف حين جعلها ريحانة بكل ما تشتمل عليه كلمة الريحان من الصفات فهي جميلة وعطرة وطيبة، أما القهرمان فهو الذي يُكلّف بأمور الخدمة والاشتغال، وبما إن الإسلام لم يكلف المرأة بأمور الخدمة والاشتغال في البيت، فما يريده الإمام هو إعفاء النساء من المشقة وعدم الزامهن بتحمل المسؤوليات فوق قدرتهن لأن ما عليهن من واجبات تكوين الأسرة وتربية الجيل يستغرق جهدهن ووقتهن، لذا ليس من حق الرجل إجبار زوجته للقيام بأعمال خارجة عن نطاق واجباتها. فالفرق الجوهري بين اعتبار المرأة ريحانة وبين اعتبارها قهرمانة هو أن الريحانة تكون، محفوظة، مصانة، تعامل برقة وتخاطب برقة، لها منزلتها وحضورها. فلا يمكن للزوج التفريط بها. أما القهرمانة فهي المرأة التي تقوم بالخدمة في المنزل وتدير شؤونه دون أن يكون لها من الزوج تلك المكانة العاطفية والاحترام والرعاية لها. علماً أن خدمتها في بيت الزوجية مما ندب إليه الشره الحنيف واعتبره جهادًا لها أثابها عليه الشيء الكثير جدًا مما ذكرته النصوص الشريفة. فمعاملة الزوج لزوجته يجب أن تكون نابعة من اعتبارها ريحانة وليس من اعتبارها خادمة تقوم بأعمال المنزل لأن المرأة خلقت للرقة والحنان. وعلى الرغم من أن المرأة مظهر من مظاهر الجمال الإلهي فإنها تستطيع كالرجل أن تنال جميع الكمالات الأخرى، وهذا لا يعني أنها لا بد أن تخوض جميع ميادين الحياة كالحرب، والأعمال الشاقة، بل أن الله تعالى جعلها مكملة للرجل، أي الرجل والمرأة أحدهما مكمل للآخر. وأخيرًا إن كلام الإمام علي (عليه السلام) كان تكريمًا للمرأة ووضعها المكانة التي وضعها الله تعالى بها، حيث لم يحملها مشقة الخدمة والعمل في المنزل واعتبر أجر ما تقوم به من اعمال في رعاية بيتها كأجر الجهاد في سبيل الله.
اخرى(لا تقاس العقول بالأعمار، فكم من صغير عقله بارع، وكم من كبير عقله فارغ) قولٌ تناولته وسائل التواصل الاجتماعي بكل تقّبلٍ ورضا، ولعل ما زاد في تقبلها إياه هو نسبته الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكننا عند الرجوع إلى الكتب الحديثية لا نجد لهذا الحديث أثراً إطلاقاً، ولا غرابة في ذلك إذ إن أمير البلاغة والبيان (سلام الله وصلواته عليه) معروفٌ ببلاغته التي أخرست البلغاء، ومشهورٌ بفصاحته التي إعترف بها حتى الأعداء، ومعلومٌ كلامه إذ إنه فوق كلام المخلوقين قاطبةً خلا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ودون كلام رب السماء. وأما من حيث دلالة هذه المقولة ومدى صحتها فلابد من تقديم مقدمات؛ وذلك لأن معنى العقل في المفهوم الإسلامي يختلف عما هو عليه في الثقافات الأخرى من جهةٍ، كما ينبغي التطرق الى النصوص الدينية الواردة في هذا المجال وعرضها ولو على نحو الإيجاز للتعرف إلى مدى موافقة هذه المقولة لها من عدمها من جهةٍ أخرى. معنى العقل: العقل لغة: المنع والحبس، وهو (مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، والعِقال: حبل يُثنَى به يد البعير إلى ركبتيه فيشد به)(1)، (وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه)(2)؛ لذا روي عنه (صلى الله عليه وآله): "العقل عقال من الجهل"(3). وأما اصطلاحاً: فهو حسب التصور الأرضي: عبارة عن مهارات الذهن في سلامة جهازه (الوظيفي) فحسب، في حين أن التصوّر الإسلامي يتجاوز هذا المعنى الضيّق مُضيفاً إلى تلك المهارات مهارة أخرى وهي المهارة العبادية. وعليه فإن العقل يتقوّم في التصور الاسلامي من تظافر مهارتين معاً لا غنى لأحداهما عن الأخرى وهما (المهارة العقلية) و(المهارة العبادية). ولذا روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه عندما سئل عن العقل قال :" العمل بطاعة الله وأن العمّال بطاعة الله هم العقلاء"(4)، كما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)أنه عندما سئل السؤال ذاته أجاب: "ما عُبد به الرحمن، واكتسب به الجنان. فسأله الراوي: فالذي كان في معاوية [أي ماهو؟] فقال(عليه السلام): تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل"(5) والعقل عقلان: عقل الطبع وعقل التجربة، فأما الأول أو ما يسمى بـ(الوجدان الأخلاقي) فهو مبدأ الادراك، وهو إن نَما وتطور سنح للإنسان فرصة الاستفادة من سائر المعارف التي يختزنها عن طريق الدراسة والتجربة وبالتالي يحقق الحياة الإنسانية الطيبة التي يصبو اليها، وأما إن وهن واندثر لإتباع صاحبه الأهواء النفسية والوساوس الشيطانية، فعندئذٍ لا ينتفع الانسان بعقل التجربة مهما زادت معلوماته وتضخمت بياناته، وبالتالي يُحرم من توفيق الوصول إلى الحياة المنشودة. وعقل التجربة هو ما يمكن للإنسان اكتساب العلوم والمعارف من خلاله، وما أروع تشبيه أمير البلغاء (عليه السلام) العلاقة التي تربط العقلين معاً إذ قال فيما نسب إليه: رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع ولا ينفع مسموع إذ لم يك مطبــوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع(6) فقد شبّه (سلام الله عليه) عقل الطبع بالعين وعقل التجربة بالشمس، ومما لاشك فيه لكي تتحقق الرؤية لابد من أمرين: سلامة العين ووجود نور الشمس، وكما إن الثاني لا ينفع إن لم يتوفر الأول فكذلك عقل التجربة لا ينفع عند غياب عقل الطبع فضلاً عن موته. وبما إن عقل الطبع قد ينمو ويزدهر فينفع صاحبه من عقل التجربة، وقد يموت ويندثر عند الاستسلام لإضلال شبهةٍ أوبسبب إرتكاب معصية، فإنه ومن باب أولى أن يتعرض الى الزيادة والنقصان كما سيأتي... وقد ورد في النصوص الدينية أن للعقل زمناً ينمو فيه ويكتمل، فعن إمامنا أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):"يثغر الصبي لسبع، ويؤمر بالصلاة لتسع، ويفرق بينهم في المضاجع لعشر، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهى طوله لإحدى وعشرين سنة، وينتهي عقله لثمان وعشرين إلا التجارب"(7)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يربى الصبي سبعاً ويؤدب سبعاً، ويستخدم سبعاً، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة، وعقله في خمس وثلاثين [سنة] وما كان بعد ذلك فبالتجارب"(8). إذن يتوقف النمو الطبيعي لعقل الانسان عند سن الثامنة والعشرين أو الخامسة والثلاثين كما ورد في الروايتين، وأية زيادة أخرى في طاقته بعد ذلك إنما تأتي عن طريق التجارب، وقد يُتوهم بأن ثمة تعارضاً ما بين الروايتين المتقدمتين في شأن تحديد سن النمو العقلي، إلا إنه لا تعارض ينهما إذا حملنا اختلافهما فيه على اختلاف الاشخاص وتباين استعدادات وقابليات كل منهم. وعلى الرغم من توقف نمو عقل الإنسان إلا إن له أنْ يزيده بالتجارب ومواصلة التعلم ــ كما تقدم في الروايات ــ وسواء أثبت العلم هذه الحقيقة الروائية أم لا، فنحن نريد الإشارة إلى ضرورة استمرار التجربة والتعلم لزيادة نمو العقل وهذا المقدار لا خلاف فيه وعلى الرغم من إن لعمر الانسان مدخلية في زيادة عقله كما تقدم وكما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يزيد عقل الرجل بعد الاربعين إلى خمسين وستين، ثم ينقص عقله بعد ذلك"(9)، إلا إن ذلك ليس على نحو العلة التامة، إذ يمكن للعقل أن يبقى شاباً وقوياً وإن شاب الإنسان وضعف جسمه، وتقدم في السن ووهن عظمه، فالعاقل لا يشيب عقله ولا تنتقص الشيخوخة من قوته بل وقد يزداد طاقةً وحيويةً لذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"رأي الشيخ أحب الي من جَلَد الغلام"(10)، وفي أخرى ".....من حيلة الشباب "(11) وأما من لم يوفر أسباب صقل عقله في مرحلة الشباب فإنه بلا شك يضمحل عقله في مرحلة الشيخوخة. وليس تقدم العمر هو العامل الوحيد في نقصان العقل بل إن النصوص الشرعية أشارت الى عوامل عديدة اخرى أهمها: أولاً: التعلم: فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً"(13). ثانياً: التوبة: وعنه (عليه السلام) ايضاً:"من لم يرتدع يجهل"(14) ثالثاً: التقوى: فقد كتب إمامنا الباقر (عليه السلام) إلى سعد الخير: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني اوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة في المنقلب إن الله (عزوجل) يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله"(15) إذن التوبة هي سبب للتوفيق الإلهي الذي يؤدي فيما يؤدي إليه من إكمال العقل. رابعاً: الوقوف عند الشبهة: وقال (عليه السلام ): "لا ورع كالوقوف عند الشبهة"(16). فإن الوقوف عند الشبهات سبب من أسباب التوفيق الإلهي بلا شك. خامساً: الاعتراف بالجهل: كما روي عن الإمام علي (عليه السلام): "غاية العقل الاعتراف بالجهل"(17) إذ الاعتراف بالجهل يدفع الإنسان دوماً إلى مزيد من بذل الجهد واكتساب المعارف. مما تقدم تتضح جلياً صحة هذه المقولة دلالةً، إذ إن العقول فعلاً لا تقاس بالأعمار لأن كلٍاً من زيادتها ونقيصتها منوطٌ بالعديد من العوامل الأخرى والتي تقدم ذكرها، بيد إن ذلك لا يبرر التساهل في نشرها والتهاون في الاستشهاد بها على إنها من أقوال أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) لعدم ثبوت ذلك سنداً من جهة ولضعف بلاغتها وركاكة تركيبها بالنسبة إلى سيد البلغاء والبلاغة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب اللغة ج1 ص65 (2) لسان العرب ج11 ص458 (3) نهاية الحكمة ص305 (4) ميزان الحكمة ج3 ص333 (5) أصول الكافي ج1، ح3 / 11 (6) نهج السعادة ج9 ص163 (7) الكافي ج7 ص94 (8) الفقيه ج3 ص493 (9) الاختصاص ص245 (10) نهج البلاغة حكمة 86 (11) بحار الأنوار ج72 ص105 (12) المصدر السابق ج1 ص94 (13) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص118 (14) الكافي ج8 ص73 (15) وسائل الشيعة ج1 ص162 (16) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص1 بقلم الكاتبة: رضا الله غايتي
اخرىرحلةٌ مثقلة بالألم في طريق يئن من وطأة الظلم! ينهي حياة زوجية فشلت في الوصول إلى شاطئ الأمان. ويبدد طموحات أطفال في العيش في هدوء نفسي واجتماعي تحت رعاية أبوين تجمعهم المودة والرحمة والحب. الطلاق شرعاً: هو حل رابطة الزواج لاستحالة المعاشرة بالمعروف بين الطرفين. قال تعالى: [ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)].(١). الطلاق لغوياً: من فعل طَلَق ويُقال طُلقت الزوجة "أي خرجت من عصمة الزوج وتـحررت"، يحدث الطلاق بسبب سوء تفاهم أو مشاكل متراكمة أو غياب الانسجام والحب. المرأة المطلقة ليست إنسانة فيها نقص أو خلل أخلاقي أو نفسي، بالتأكيد إنها خاضت حروباً وصرعات نفسية لا يعلم بها أحد، من أجل الحفاظ على حياتها الزوجية، ولكن لأنها طبقت شريعة الله وقررت مصير حياتها ورأت أن أساس الـحياة الزوجيـة القائم على المودة والرحـمة لا وجود له بينهما. فأصبحت موضع اتهام ومذنبة بنظر المجتمع، لذلك أصبح المـجتمع يُحكم أهواءه بدلاً من الإسلام. ترى، كم من امرأة في مجتمعنا تعاني جرّاء الحكم المطلق ذاته على أخلاقها ودينها، لا لسبب إنما لأنها قررت أن تعيش، وكم من فتاة أُجبرت قسراً على أن تتزوج من رجل لا يناسب تطلعاتها، لأن الكثير منهن يشعرن بالنقص وعدم الثقة بسبب نظرة المجتمع، وتقع المرأة المطلّقة أسيرة هذه الحالة بسبب رؤية المجتمع السلبيّة لها. وقد تلاحق بسيل من الاتهامات وتطارد بجملة من الافتراءات. وتعاني المطلقة غالباً من معاملة من حولها، وأقرب الناس لها، بالرغم من أن الطلاق هو الدواء المر الذي قد تلجأ إليه المرأة أحياناً للخلاص من الظلم الذي أصبح يؤرق حياتها الزوجية، ويهدد مستقبلها النفسي، والله تعالى لم يشرع أمراً لخلقه إلا إذا كان فيه خير عظيم لهم، والطلاق ما شرّع إلا ليكون دواء فيه شفاء وإن كان مرّاً، وإن كان أمره صعباً على النفوس، حيث قال عز وجل: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"، روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق) (٢). ورغم أن الشريعة الإسلامية أباحت الطلاق بشروط تلاءم لبناء المجتمع، وأولت أهمية في الإحسان دائمًا للطرف الأضعف والأكثر خسارة في هذه المعادلة وهي "المرأة"، إلا أن المجتمع الذي يدّعي الإسلام لا يرحمها، ويحكم عليها بالإدانة طوال حياتها دون النظر في صحة موقفها في الطلاق من عدمه! قال( تعالى ): [الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] (٣). ولكن بعد كل هذا فالحياة لم ولن تتوقف بعد الطلاق! الطلاق ليس نهاية الحياة. - أخيتي. ليكن الطلاق بداية جديدة لحياة جديدة وللانطلاق. -قطار العطاء لن يتعطل. فإن كنت السبب في الطلاق فالحمد لله على كل حال وتلك أمة قد خلت وأيام ذهبت وانجلت فلست بالمعصومة من الخطأ. وعليك استدراك الأخطاء وتقوية مواطن الضعف في شخصيتك، واجعليها درساً مفيداً في الحياة لتطوير نفسك وتقويتها. وإذا كنتِ مظلومة فهناك جبار يُحصي الصغير والكبير وسيأتي يوم ينتصر لك فيه. -ومن الجميل أن تعطي نفسك الإحساس بالحب والاحترام، ولا تتأثري بأي نظرة سلبية من المجتمع وكون البعض يتعامل مع المطلقة على أنها حالة خاصة فعليكِ إثبات ذاتك حتى تفرضي على الكل شخصيتك. - نظرتك لنفسك اجعليها نظرة ايجابية مشرقة ولا تنزلقي في مستنقع نبذ الذات وظلم النفس. - ابحثي عن الصفات الجيدة فيك فإن ذلك سيشعرك بالثقة في ذاتك والتقدير لها. -حاولي مراجعة نفسك للخروج بإيجابيات حصلت لك من طلاقك. - خالطي الآخرين وإياك والعزلة بسبب وضعك الجديد فلست بأول من يبتلى بالطلاق. -استمتعي بالموجود ولا تتعلقي بالمفقود، حلقي بروح تعبق أملاً وتفاؤلاً، استمتعي بما وهبك الله من نعم (صحة وأولاد وأهل وصديقات وعمل وهوايات وغيرها من الأمور الجميلة) فما حصل لك حصل… ولابد أن تتقبليه برضا، وأعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. وقال أصدق من قال: ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم). فالرضا سر السعادة الحقيقي. - اقتربي من صديقاتك الصالحات، واقضي معهن وقتاً طيباً تنسين به ألمك وحزنك. - احرصي على الصلوات وقراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار وأكثري من الطاعات قدر ما تستطيعين، ففيها السلوى والفرح والسعادة. ونعم سعادة القرب من الرحمن. - اشغلي نفسك بأعمال البر والإحسان بمساعدة محتاج. بكفالة يتيم. بتعلم الفقه والقرآن وتعليمه. - اجتهدي في عمل برنامج يومي لك يكون ممتلأ بكل ما هو مفيد لك. من قراءة وزيارة الأصدقاء وصلة الرحم. بحيث لا تكون هناك دقيقة أنت فارغة فيها. - وأسرعي بقاربك الجميل بمجذافين من إيمان بالله وثقة بالنفس وسوف تصلين بإذن الله نحو جزيرة السعادة والنجاح. لكي تتسلق جبال الإنجاز، وتصل لأعلى مراتب الاعجاز. وعندها جزماً سيكون للحياة معنى آخر. --------------------------------- (١)-سورة البقرة الآية (٢٢٦-٢٢٧). (٢)-الكافي (٢)-سورة البقرة الآية (٢٢٨) حنان ستار الزيرجاوي
اخرىانتشرت بين الناس في برامج التواصل الاجتماعي والمنتديات والمواقع الالكترونية الكثير من المقولات المنسوبة للإمام علي بن ابي طالب( عليه السلام )، وهي روايات كاذبة ومنسوبة ولا يوجد لها دلالة في الكتب الحديثية. ومنها هذه المقولة: - [يقول علي بن ابي طالب عليه السلام : كنت اطلب الشيء من الله ... فإن اعطاني اياه كنت افرح مره واحده . وإن لم يعطيني اياه كنت افرح عشر مرات . لأن الاولي هي اختياري ، أما الثانية هي اختيار الله عز وجل ] هذه المقولة كذب لا أصل لها ولا دلالة. فلم أجد لها سنداً في الكتب الحديثية أبداً. اما من حيث المعنى فهي مخالفة للقرآن وللاحاديث النبوية وروايات اهل البيت عليهم السلام، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى أمر بالدعاء وضمن الاستجابة حتى ولو بعد حين. قال تعالى في محكم كتابه العزيز : (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ). - روي عن رسول الله( صلى الله عليه وآله) أنه قال: «افزعوا إلى الله في حوائجكم ، والجأوا إليه في ملماتكم ، وتضرعوا إليه ، وادعوه؛ فإن الدعاء مخ العبادة وما من مؤمن يدعو الله إلا استجاب؛ فإما أن يعجله له في الدنيا ، أو يؤجل له في الآخرة ، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا؛ ما لم يدع بماثم» (١) . تأملوا : (افزعوا إلى الله في حوائجكم) ، (والجأوا إليه في ملماتكم) ، (وتضرعوا إليه). إنما يستعين الانسان على قضاء حوائجه الدنيوية والاخروية بالدعاء والابتهال والتضرع الى الله سبحانه وتعالى، فإذا كان المؤمن يفرح بعدم اعطائه حاجته فلماذا يفزع وأي مؤمن علي بن ابي طالب( عليه السلام )الذي لا يطلب حاجة للدنيا . - عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام : «اكثروا من أن تدعو الله ، فإن الله يحب من عباده المؤمنين أن يدعوه ، وقد وعد عباده المؤمنين الاستجابة» (٢). إن الله يشتاق إلى دعاء عبده ، فإذا أقبل العبد بالدعاء على الله أحبه الله ، وإذا اعرض العبد عن الله كرهه الله. عن معاوية بن وهب عن ابي عبدالله الصادق عليه السلام قال : «يا معاوية ، من اعطي ثلاثة لم يحرم ثلاثة : من اعطي الدعاء اعطي الاجابة ومن اعطي الشكر اعطي الزيادة ، ومن اعطي التوكل اعطي الكفاية ؛ فان الله تعالي يقول في كتابه : (ومن يتوكل علي الله فهو حسبه). ويقول : (لئن شكرتم لأزيدنكم). ويقول : (ادعوني استجب لكم)(٣). إن بين الدعاء والاستجابة علاقة متبادلة ، وأي علاقة أفضل من أن يقبل العبد على ربه بالحاجة والطلب والسؤال ، ويقبل الله تعالى على عبده بالإجابة ويخصه بها؟ قد يؤجل الله تعالى إجابة دعاء عبده المؤمن ليطول وقوفه بين يديه، ويطول إقباله عليه وتضرعه إليه ... فإن الله يحب أن يسمع تضرع عبده ، ويشتاق إلى دعائه ومناجاته. وفي الختام نقول: الأسلوب لا يخلو من الركاكة ، و من يعرف بلاغة وفصاحة الإمام علي بن ابي طالب( عليه السلام ) يعرف أنه لم يقل هذا الكلام. فلا يجوز نشر مثل هذه المقولات المنسوبة بين المسلمين إلا لبيان أنها كلام مكذوب وموضوع ومنسوب للإمام ( عليه السلام ). لأن ديننا ومذهبنا علمنا أن نتحقق ونبحث في صحة وسند الرواية قبل نقلها . ---------------------------- (١)- بحار الانوار ٩٣ : ٢. ٣. (٢)- وسائل الشيعة ٤ : ١٠٨٦ ، ح ٨٦١٦. (٣)-خصال الصدوق ١ : ٥٠ ، المحاسن للبرقي ٣ ، الكافي : ٦ في ١١ : ٤ من جهاد النفس. حنان الزيرجاوي ينشر 3
اخرى