صَغيرًا كُنتُ في المَهدِ

١) صَغيرًا كُنتُ في المَهدِ وَحُبِّي كانَ للمَهدي ٢) بنُدباتٍ لوالدتي تُرَدِّدُ أحرُفَ الوَجدِ ٣) غِذاءٌ ذِكرُهُ بِفَمي يُغذِّيني كَمَا الشَّهدِ ٤) حَبَوتُ وباسمهِ كانَتْ تُناديني فيَا سَعدي ٥) مَشيتُ وكُلّما أَكبو أناديهِ وأستجدي ٦) كبرتُ وكُلُّ أُمنيتي بأنْ ألقاهُ بالوَردِ ٧) تَلوتُ الحَرفَ باكيةً قرأتُ بِأَنَّتِي عَهدي ٨) سَأبقَى حَامِلًا أَمَلِي أُمَنِّي النَفسَ بالوَعدِ ٩) سأبقى أرتجي وَصلًا وإنْ أُقبِرتُ في لَحدِي ١٠) سيأتي سَيّدي حَتمًا فتعلو نَبرَةُ الحَمدِ ١١) سَتسمو رايةُ الحَقِّ وتبلغُ قِمَّةَ المَجدِ ١٢) سَنَشدُو في الدُنا فَرَحًا أتى المَوعودُ بِالرَفدِ ١٣) نَعيشُ بدولةٍ كُبرى نكونُ بعالَمٍ وَردِي ١٤) فيا عينَ الهُدى قرِّي لهُ بِنُحوُرِنَا نفدِي بقلم: أم باقر العارضي

اخرى
منذ 3 أسابيع
20

حج القلوب

لقد اولى الإسلام الاهتمام بقلب الإنسان اهتماماً بالغاً، واشارت اليه الكثير من الآيات القرآنيه ،  لتبيان أهمية القلب ودوره. فالقلب هو المعيار المميز بين الإنسان الصالح والفاسد ، و لمكانتة الخاصة في القرآن الكريم ، ورد على معان ثلاثة ، اوِّلها : العقل وذلك في قولة تعالى﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ﴾( ق- ٣٧) أي قلب زكيّ متفكر ، يتذكَّر إذا سمع كلام الله، .اما الثاني: الرأي والتدبير، ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى﴾(الحشر-١٤)  ، ثالثاً: حقيقة القلب الذي هو في الصَّدر؛﴿وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ﴾. (الحج- ٤٦) والمراد به هنا ذلك الجوهر المجرد الذي ترتبط به انسانية الانسان. فهو عبارة اخرى عن النفس الانسانية، ولذا تنسب اليه الاعمال النفسية من قبيل التعقُّل والايمان والكفر والنفاق والهداية والرحمة والغفلة او الانزعاج والخوف . والقلب هو من آيات اللّه الرائعة ،فهو مصدر الحياة للأنسان  ؛ لأنه يدفع الدم الى نواحي الجسم حاملاً معه  الغذاء و الأوكسجين وينقل الفضلات للتخلص منها خارج الجسم ، فالقلب محط نظر الرحمن ،  لذا نرى ان اهم العبادات واوجبها تتطلب بدءاً النيه القلبيه وحضور القلب اثناء العمل حتى نهايته ، فالحج البدني من شعائر الله وله شروط منها :  القدره بدنياً ومادياً ، واما من الناحية التربويه والأخلاقيه والفقهيه تجد فيه : ١- التطوع لعمل الخير وخدمة الآخرين ومساعدتهم بمعنى لا تكتفي بالواجبات ( ومن تطوع خيرا).( البقره -١٥٨) ٢- الاخلاص والتوجه لله تعالى وحده بلا شريك (واتموا الحج والعمرة لله).(البقره -١٩٦) ٣- الاستقرار النفسي والنقاء الروحي بحيث لا ينشغل باللغو والحسد وما لا ينفع (ولا جدال في الحج).(البقره - ١٩٧) ٤- الرجاء بما عند الله وحسن جزاءه تحفيزا لأن يكون من التجار الرابحين الذين (يرجون تجارة لن تبور) .(فاطر-٢٩) ٥- التنبيه وتعظيم الله في النفس  في كل موطن حتى لا يكون من هؤلاء الذين (ماقدروا الله حق قدره). (الزمر ٦٧) اما الحج القلبي فهو على درجة من الاهمية والفضل ،  فلا يتقيد بحدود الزمان والمكان ، ولا تترتب عليه مشقة السفر ولا قدرة الابدان ، بل هو عروج القلب الى بارئه المنان ،في اي وقت شاء ، ليطوف بساحة قدسه بطيب الذكر ، وقوة الايمان ، والاخلاص في النيه ، وطلب المعرفة الالهيه الحقيقيه ، وله مزايا الاخلاص والتوجه لله تعالى ، والاستقرار النفسي والنقاء الروحي ، وحسن الامل بالله والتعلق به ورجاء فضله ، وتعظيم الله في النفس ، ولأن عبودية القلب اعظم من عبودية الجوارح ، لأنه سيد الجوارح  فإن حضور القلب من الأمور المهمة في باب العبادات، فهو روح العبادة، والعبادة من دون حضور القلب غير مجدية، ولا تقع مقبولة في ساحة البارئ تعالى كما ورد في الروايات الشريفة، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه السلام : "إنما لك من صلاتك ما أقبلت عليه منها، فإن أوهمها كلها أو غفل عن آدابها لُفت فضُرِب بها وجه صاحبها "(١) . فحضور القلب يثمر المعرفة، ويزيد الخشوع ويحقق العبوديه ،ويثير المحبة، ويؤدي للحياء، ويبعث على المخافة، ويدعو إلى المراقبة، ويحث على العمل لتجنب التقصير في الطاعات ، والابتعاد عن المعاصي والسيئات . وأما الحديث فما روى النعمان بن بشير قال: سمعته صلى الله عليه وآله يقول: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب. (٢) ~~~~~ ١- ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج٢ - الصفحة ١٦٣٩ ٢-بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٨ - الصفحة ٢٣ ام حيدر الموسوي

اخرى
منذ 3 أسابيع
21

قمة الوفاء

بشعبان اطل بجوده السقاء ليروي انهار المكارم والإباء حروف اسمه نجوى السماء من جود كفيه يفيض العطاء بفضله اعتلى شاهق القمم ليصب في جداول الحياة العزة والشموخ والإيثار والوفاء لا حيرة بحضرته القدسية ولاظمأ فحبه يسقى العطاشى دون ماء شبيه حيدر ومنهل الكوثر وكفيل الحوراء بمولده استبشرت الطهر سيدة النساء فهذا عضيد السبط وحامل اللواء تربع على عرش الأخلاص والولاء وقدم نفسه واخوته قرابين تضحية وفداء فسطر ملاحم البطولة في كربلاء سلام على قاضي الحوائج وباب الرجاء ام حيدر الموسوي

اخرى
منذ 3 أسابيع
14

خاطره

من مثله في الناس حلو الشمائل فاق البرايا بالمكارم والفضائل نبارك بمولده السبط ابو الائمه فقد انجب للدين جواهراً ولآليء كريم الطباع سجي الخصال فاق بالوصف الواقع والخيال سيد البكائين وزين العابدين يضيئ بالمناجاة ظلام الليال #علي_السجاد ام حيدر الموسوي

اخرى
منذ 3 أسابيع
17

خاطره

لُذْ بالكَفيلِ إذا دَهَتْكَ مُلِمَّةٌ وَسَرتْ بِقَلبِكَ كالسُّيولِ كُرُوبُ فهوَ الوَجيهُ وَكَم بهِ قد أشرَقَتْ من ظُلمةِ الكُرَبِ الجِسامِ قُلوبُ بقلم: عدنان الموسوي ٤ شعبان ١٤٤٤ هـ

اخرى
منذ 3 أسابيع
15

هو ذاك لا سواهُ..

هو ذاك لا سواهُ.. بقلم: فاطمة منديل أراهُ يحدو بقافلةٍ مليئةٍ بالعشق، تستجلبُ كُلَّ من أرادَ أنْ يخطوَ نحوَ طريقِ الخلودِ والذِكرِ الحسن، لم يزلْ يسيرُ بهيبةٍ ووقار، بكُلِّ خطوةٍ يغرسُ مبدأً وخُلقًا، بكُلِّ شهيقٍ وزفيرٍ منه يُعطي للإسلامِ الهواء، يُرجِعُ له أنفاسَه التي تكادُ أنْ تنتهيَ ليضمحلَ ويذهب، فيعود غريبًا كما جاء، تاركًا الناسَ في غفلةٍ وتيه، في طريقهم للعودةِ إلى الجاهليةِ الأولى، ناسين كُلّ مبادئ الدينِ الحنيف، جاءَ ليُعطيَ الدينَ ترياقَ الشفاءِ بعدَ أنْ دُسَّ السمُ للناسِ في دينهم، وحرّفوا ما جاءَ به من قيَمِ السماء، يخطو نحو إنقاذِ ذلك الجسدِ المُمزّقِ الذي طُعِنَ من كُلِّ جانبٍ ومكان، ليُلملمَ أوصالَه ويشدَّ جراحه، ويجعل جسده بدلًا من جسدِ الدينِ عرضةً للسيوفِ والسهامِ والرماحِ والحجارة، رافعًا شعارًا خالدًا ولسانُ حاله قائلًا: إنْ كانَ دينُ مُحمّدٍ لم يستقمْ ... إلا بقتلي يا سيوف خُذيني جاءَ مُصطحبًا تلك العائلة الكريمة؛ ليفديَ الدينَ بنفسهِ وأهلِ بيتهِ ومالهِ وكُلِّ ما يملك، من أجلِ أمّةِ جدّه؛ لترى النورَ مُجدّدًا، عطِشَ من أجلِ أنْ نُسقى، استُشهِدَ من أجلِ أنْ نحيا، سُبيَتْ حرمه من أجلِ أنْ نبقى أحرارًا، سُلِبَ من أجلِ أنْ يلبسَ الدين ثوبَ البقاء، صاحَ مُستنصرًا لينتصرَ الناسُ على أهوائهم، ولا يبقونَ عبيدًا لها، جاءَ مُسلِّمًا للهِ تعالى كُلّ أموره، فسلّمه اللهُ سبحانه كُلّ القلوب، وبنى له صرحًا خالدًا تهوي إليه الأفئدةُ ويستجابُ عنده الدُعاء، سالتْ دماؤه على أرضِ الطفوفِ فصارَ ترابها شفاءً من كُلِّ مرضٍ وداء، جعلَ من نسلِه خلفاءَ اللهِ في الأرضِ الذين بهم يُمسكُ السماءَ أنْ تقعَ عليها، جاءَ طالبًا اللهَ جل جلاله ورضاه، فاجتباهُ اللهُ سبحانه إليه وجعله في علّيين، استُشهِدَ ليبقى منارًا خالدًا، ويبقى الخطابُ إليه: "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْ‌جِعِي إِلَىٰ رَ‌بِّكِ رَ‌اضِيَةً مَّرْ‌ضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي". إنّهُ هو لا أحدَ سواه.. إنّهُ الحسين (عليه السلام)..

اخرى
منذ شهر
15

دموع

الجزء الثالث عشر والاخير بقلم/نرجس مرتضى الموسوي _اختي  أخبري أبيها هو من يجب أن يتحمل نتيجة أخطائه ولن تكونين انت وحدك  كلكما يجب ان تنقذا اولادكم من الضياع _اخي أخشى أن يقتلها _لن يقتلها فإنها ابنته...يحبها ولن يتعامل معها مثلك جلست في سجادتي أدعو الله أن ينجي أمال وأمين من همزات الشيطان، وأصدقاء السوء، ويهديني لما هو صالح  لتربيتهم شعرت براحة وتوكلت على الله،  ذهبت لسامي وقلبي يرتجف على أمال _سامي انظر لهاتف أمال _ماذا به هل هو عاطل سوف أشتري لها جهاز احدث منه _لا ...انظر وصلت لها رسالة من شخص وحسب ما فهمته إنه شخص يريد أن يستغلها وقف ونظر الى الهاتف بذهول _أنت مجنونة أنا اثق باإبنتي ولا يمكن أن تخون ثقتي بها قد تكون رسالة جاءت بالخطأ عندما قرأ الرسالة تأكد أنها مكتوبة لأبنته تغير لون وجهه _أسمع ياسامي الم احذرك انت المسؤول لقد أعطيتها كل شيء ولم تجعل لها قوانين وهي صغيرة لا تعرف ما يضرها لقد رحمنا الله لو لم نعرف ولو أنها ارسلت صورها لهذا القذر ماذا كان سيحدث _اسمعي عندما تعود أذهبي وتحدثي معها لأني لو تحدثت معها سوف اقتلها عندما عادت أمال تحدثت معها _أمال ماهذه الرسالة لماذا تخونين الثقة التي منحها لك والدك _أي رسالة امي _ماذا إنها من صديقتي _صديقتك وتغازلك وتطلب صورتك _امي انك لا تفهمين شيئا _إلا تخجلين كيف تقولين لي اني لا أفهم لقد أمضيت عمري كله من أجلكم واني لم ارفع يدي واضربكم ابدا لاني لا أحب أن أتعامل معكم كالحيوانات ولكن إذا اقتضى الأمر أفعل كل شيء لكي أحافظ عليكم أخذت مني الهاتف وهي تصرخ بصوت عالي _صحيح كل ما يقوله عليك أبي  انت لا تفهمين شيئا وانت غبية كنت افكر في  أن اضربها لكن فجأة دخل سامي  يبدو أنه كان يسمع ما دار بيننا من حديث وامسك أمال  وضربها بقوة ولأول مرة أره يضربها وقال لها _إلا تخجلين كيف تتحدثين مع امك هكذا لقد اصبت بالذهول لأول مرة اعرف ان سامي لا يرضى أن يتطاول علي أولادي وأخذ هاتفها ثم خرج بقيت أمال تبكي وهي مصدومة ذهبت وراء سامي رأيته جالس في الظلام أشعلت النور واذا به يبكي _سامي الم تفكر يوما انك عندما تتحدث مع البنات وتتلاعب بمشاعرهن أن الله لك بالمرصاد فكما تدين تدان ...... انتهى قد يظن البعض أن هذه القصة محض خيال لكن اغلب الأحداث هي واقع تعيشه بعض النساء اللواتي ظلمن من بعض رجال لا يعرفون شيئا عن حقوق الإنسان ها أنا أضع (قصة دموع) بين يدي كل من يقرأ قصتها ترى من هو الذي لا يفهم دموع ام سامي؟؟؟ في بعض المحاضرات سواء كانت دينيه أو أخلاقيه يرمون باللوم على الأم وهي المسؤولة عن تربية الأولاد ماذا لو كانت الأم إنسانة مؤمنة وعاقلة ومثقفة رغم أنها لم تكمل تعليمهامثل دموع، والأب  سامي لا يعرف من الدين سوى اسمه وبما أنه رجل يستطيع أن يفعل ما يحلو له لقد خلق الله الزوجين الذكر والانثى ليكمل أحدهما الأخر فكل واحد مسؤول عن ما يحدث أمام الله ففي القرآن الكريم لم يضع جنه خاصة للرجال أو نار خاصة للنساء فقط لقد أوضحت الايه الكريمه 《ﻭَﺍﻟﺴَّﺎﺭِﻕُ ﻭَﺍﻟﺴَّﺎﺭِﻗَﺔُ ﻓَﺎﻗْﻄَﻌُﻮﺍ ﺃَﻳْﺪِﻳَﻬُﻤَﺎ ﺟَﺰَﺍﺀً ﺑِﻤَﺎ ﻛَﺴَﺒَﺎ ﻧَﻜَﺎﻻً ﻣِّﻦَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﺰِﻳﺰٌ ﺣَﻜِﻴﻢٌ 》 ( ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ 38: )أن عقوبة السرقة نفسها للرجل والمرأة. فالمرأةفي مجتمعاتنا وﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻭﺭ ﻓﻲ ﻣﺨﻴﻠﺔ ﺑﻌﺾ  ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻨﺎﻭﻟﻮﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺣﺪﺏ ﻭﺻﻮﺏ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ بأحسن  ﺗﻘﻮﻳﻢ، ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﺫﻛﺮﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻓﻘﺪ ﺭﺑﻄﻪ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﺩﻭﻥ ﺍﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﻟﻨﺎ ﺍﻱ ﺗﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ﻭﺍﻷﻗﻮﺍﻡ، ﻭﻗﺪ ﺍﻛﺪ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻋﺪﺓ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺧﺎﻃﺐ ﺧَﻠﻘَﻪ 《ﺎﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺆﻣﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﺘﻴﻦ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﺘﺎﺕ ﻭﺍﻟﺼﺎﺩﻗﻴﻦ ﻭﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺼﺎﺑﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﺨﺎﺷﻌﻴﻦ ﻭﺍﻟﺨﺎﺷﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺘﺼﺪﻗﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺘﺼﺪﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺼﺎﺋﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﺼﺎﺋﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﺎﻓﻈﻴﻦ ﻓﺮﻭﺟﻬﻢ ﻭﺍﻟﺤﺎﻓﻈﺎﺕ ﻭﺍﻟﺬﺍﻛﺮﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻭﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺍﺕ ﺃﻋﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻬﻢ ﻣﻐﻔﺮﺓ ﻭﺃﺟﺮﺍً ﻋﻈﻴﻤﺎ》 ( ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ 35 ) . تمت بعون الله

اخرى
منذ شهر
25

قصة عشقٍ موسوي

قصة عشق موسوي بقلم : وجدان الشوهاني عاشقة تحمل في قلبها عشق كبير ، رميت علمي في أحضانها اردتُ أن اتعرف على ذلك العشق الذي يملأ قلبها ، امرأة قد سرق الزمان من عمرها الكثير ؛ ولكن لم يزعزع إيمانها بإمامها موسى بن جعفر (عليه السلام) . عجبتُ من عقيدتها القوية وهي تتكلم مع وفود الزائرين ، فتقربتُ منها لأسالها -كيف نمت وقويت تلك العقيدة عندكِ سيدتي ؟! -كلميني ، فقوة عقيدتكِ أذهلت كتبي العلمية التي دأبتُ على قراءتها . وإذا بها تقول وكأنها مفوهة قد تعلمت في مدرسة بلاغة أهل البيت (عليهم السلام): - لطالما كان لسان حالي يتمتم بقول : أيها العشق متى تبزغ ، وتعلن عن نهاية الإنتظار ، عامٌ يحمل معه شغف اللقاء بالحبيب، أراقب ساعاته بصمتٍ يحمل في جوفه سيلٌ من الكلمات ، وصبرٌ أقاومه بزياراتٍ اختلسها من الزمن وكأنني أبن سويد، فأسأله - سيدي متى الفرج ؟ فليالي الانتظار مؤلمة ، تنهال فيها دموعي وأنا أرى تلك القيود بعين البصيرة فتؤلمني وأتساءل أنّى للظلم أن يقيّد النور ؟! أيها الشوق اللاهب لسماع صوت المواكب - تفضل يا زائر مَن يوقظه من غفوة العاشقين ؟! ألف متى و كيف تطرق باب قلبي تريد أن تكسر قيود الظلم والانتظار لتعلن عن فرج الحرية ، وصوت الحبيب يقول - الفرج قريب ، والموعد جسر بغداد في الخامس والعشرين من رجب - تتكلم ودموعي تنهال على وجنتي ، من قوة ما أسمعه ،فتواصل كلامها . وهي تقول - هذا غيظ من فيض ، ولا يسع الوقت لأكلمك عن كرامته معي ، لإكمل لكِ عزيزتي : -فما أن تقترب أيام العزاء، الذي لم يتغير مذ عرفته ، فحبيبي ليس للكذب والبخل في باحته نصيب ، وما إن يدنو الموعد فيوقظني نداءه الذي يملأ قلبي شغفاً ، رغم سني الذي هده معول الهرم ولم يبقِ مني سوى حطام ؛ ولكن نداءه يعيدني إلى العشرين من عمري ، لأودع التعب ، فما إن يخيّل لي إنه يناديني - هيا يا أم جعفر ، تهيّأي فأسرعُ كصبيةٍ تريد لقاء معشوقها ، فتلبس له افضل ثيابها ؛ لتسرق منه نظرة استعطاف ؛ لكن معشوقي مختلف ، فلا يريد مني ثيابٍ إنما يريد مني أن أنصب موكبي المتواضع ، ومعي ثمرة قلبي اولادي الذين ربيتهم على أن يعشقوا من يستحق ، فأناديهم ومعهم الاصدقاء الموالون ، فاناديهم : - أولادي ، هلموا معي ، فلنا معه موعد ، ولم أعودكم على مخالفة الوعود فيلبوا ندائي بهمة عالية فننصب الموكب الذي حمل اسم اهل الكساء ، وافترش عباءتي لاضع فيها حوائجي وحوائج من يسألني، ويسرح بي الخيال إلى معشوقي ، مولاي موسى بن جعفر (عليه السلام). وكأني ببابه ، وأنا افترش عباءتي - سيدي ، جئتكُ على الوعد الذي قطعته لكَ . فطوال العام وأنا أقوم بزيارة سيدي موسى بن جعفر (عليه السلام) أطلب منه الأذن بما أود أن أقدمه في موكبي ، وما أن استشعر الرضا من زيارته (عليه السلام) حتى اعود لمنزلي وابدأ بتهيئة ما يحتاجه الموكب ، بعد أن ختمه الإمام بختم القبول الذي استشعرته بعقيدتي . هذا كل ما في الأمر . هكذا تكلمت العاشقة ،عن عقيدتها ،وبينما أتكلم معها وهي تجلس بعباءتها الفاطمية الزينيبة، وإذا بوفود الزائرين الذين يمرون من موكبها البسيط ، ليزفوا لها خبر قضاء حوائجهم التي مرو بمثل هذه الأيام في عام مضى، وطلبوا من موكبها المقام باسم موسى بن جعفر (عليه السلام) قضاء حوائجهم ، وقد عادوا ليقدموا الشكر لمواكب الإمام . فأرها تقول لهم : - كيف لمن افترشت عبائتها ببابه واغرقتها بدموع التوسل به ومقامه عند الله أن يرد حوائجكم . فيذهلني جوابها المفعم بعقيدة قوية فرغم الوقت القليل الذي قضيته بموكب هذه العاشقة ، إلا إني تعلمت الكثير منها ، فقد تعلمت منها إن كل زائر عليه أن يرى نفسه ابن سويد ، وينتظر فرج اللقاء بإمامه ، ليبوح له بآلامه، وينزع عن نفسه قيود النفس الأمارة بالسوء ويعلن عن توبته أمامه ، فينعم بحرية النفس المطمئنة التي تحررت ببركة ولائها لمولاها. لنكن على يقين بأن الإمام (عليه السلام) يرانا ويأنس برؤيتنا ونحن نحمل عقيدة قوية لا يزلزلها كل قيود بني العباس ، فعندما تكون أعمدة مواكبنا ولائية ، حتماً ستكون حوائجنا مقضية ، وافضل حاجة نضعها على أعتاب الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) ، هي فرج مولانا الحجة بن الحسن (عجل الله فرجه ) هكذا تعلمتُ من عاشقة موسى بن جعفر (عليه السلام) ،فأحببتُ أن اروي لكم قصتها

اخرى
منذ شهر
19

تَشبيهات خاطئة

تَشبيهات خاطئة حلّ الصباح وأشرقت الشمس بنورها الساطع، خرجت حيوانات المزرعة إلى المرعى، وخرج راعي المزرعة من بيته المجاور للمزرعة صارخًا بأعلى صوته على عدنان: أيّها الخائن! لم تكن وفيًّا لي وأنا صديقكَ المقرّب، اذهب من هنا ولا تعد، فلم تعد تربطني بكَ أيّ صداقة؛ لأنّكَ عديم الوفاء كالكلاب! سمعت حيوانات المزرعة المشاجرة، واجتمعوا ليناقشوا ما جرى من تنافر الأصدقاء فيما بينهم. فوقف كلب المزرعة مخاطبًا أصدقاءه من الحيوانات: اسمعوا يا أصدقائي، أنا لديّ اعتراض على ما جرى بين صاحب المزرعة وبين صديقه عدنان. الحمار: وهل لكَ أن تتدخّل بينهما يا صديقي؟ فما لنا وما يجري بين البشر. الكلب: يا صديقي الحمار، ليس اعتراضي على شجارهما، إنّما على تشبيه صاحب المزرعة، فهو نعت عدنان بالكلب لعدم وفائه، وهذا غير صحيح، فنحن الكلاب أوفياء لمَن يرعانا من البشر، على عكس بعضهم، ممّن ينكر المعروف، فهل سمعتَ يومًا بأنّ كلبًا عضّ صاحبه وإن جاع؟! ضحك الحمار، وقال: لا تغضب، فبحسب ما تقول أنا مَن عليه أن يعترض عليهم، فهم ينعتون الإنسان الغبيّ بالحمار، والجميع يشهد لي بالذكاء، حتى إنّني لا أنسى طريقًا مررتُ به، فكيف أكون غبيًّا. صاحت الدجاجة: لستما وحدكما مَن يعترض، فأنا لديّ اعتراض أيضًا، فبني الإنسان ينعتون المتكاسلات من النساء بالدجاجة، ومثلما تعرفونني فأنا نشيطة ولا أتكاسل عن عملي، فحتى رقودي على البيض يُعدّ عملًا، لا تكاسلًا. صاحت البقرة بأعلى صوتها: يا أصدقائي، لو كلّ واحد منّا اعترض على نعوت البشر السلبية لبعضهم لخرجت حيوانات المزرعة جميعًا في مظاهرة، ولما انتهينا من هذا الاعتراض. يا أصدقائي، اتركوا بني آدم في همّهم، ودعونا نلتفت إلى أعمالنا، فبعض البشر هذه طبيعتهم ويا للأسف الشديد، ينظرون إلى سلبيات غيرهم، ويشبّهونهم بالحيوانات، ولا ينظرون إلى عيوب أنفسهم، فلو أنّ الإنسان حاسب نفسه من قبل أن يحاسب غيره، لعاش كلّ مَن في الأرض بسلام وطمأنينة.

اخرى
منذ شهر
21

يتصدر الان

بين طيبة القلب وحماقة السلوك...

خلق الله الأشياء كلها في الحياة ضمن موازين وقياسات... فالزيادة أو النقيصة تسبب المشاكل فيها. وهكذا حياتنا وأفعالنا وعواطفنا لا بد أن تكون ضمن موازين دقيقة، وليست خالية منها، فالزيادة والنقيصة تسبب لنا المشاكل. ومحور كلامنا عن الطيبة فما هي؟ الطيبة: هي من الصفات والأخلاق الحميدة، التي يمتاز صاحبها بنقاء الصدر والسريرة، وحُبّ الآخرين، والبعد عن إضمار الشر، أو الأحقاد والخبث، كما أنّ الطيبة تدفع الإنسان إلى أرقى معاني الإنسانية، وأكثرها شفافية؛ كالتسامح، والإخلاص، لكن رغم رُقي هذه الكلمة، إلا أنها إذا خرجت عن حدودها المعقولة ووصلت حد المبالغة فإنها ستعطي نتائج سلبية على صاحبها، كل شيء في الحياة يجب أن يكون موزوناً ومعتدلاً، بما في ذلك المحبة التي هي ناتجة عن طيبة الإنسان، وحسن خلقه، فيجب أن تتعامل مع الآخرين في حدود المعقول، وعندما تبغضهم كذلك وفق حدود المعقول، ولا يجوز المبالغة في كلا الأمرين، فهناك شعرة بين الطيبة وحماقة السلوك... هذه الشعرة هي (منطق العقل). الإنسان الذي يتحكم بعاطفته قليلاً، ويحكّم عقله فهذا ليس دليلاً على عدم طيبته... بالعكس... هذا طيب عاقل... عكس الطيب الأحمق... الذي لا يفكر بعاقبة أو نتيجة سلوكه ويندفع بشكل عاطفي أو يمنح ثقة لطرف معين غريب أو قريب... والمبررات التي يحاول إقناع نفسه بها عندما تقع المشاكل أنه صاحب قلب طيب. الطيبة لا تلغي دور العقل... إنما العكس هو الصحيح، فهي تحكيم العقل بالوقت المناسب واتخاذ القرار الحكيم الذي يدل على اتزان العقل، ومهما كان القرار ظاهراً يحمل القسوة أحياناً لكنه تترتب عليه فوائد مستقبلية حتمية... وأطيب ما يكون الإنسان عندما يدفع الضرر عن نفسه وعن الآخرين قبل أن ينفعهم. هل الطيبة تصلح في جميع الأوقات أم في أوقات محددة؟ الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً.. لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية... فالطيبة حالة تعكس التأثر بالواقع لهذا يجب أن تكون الطيبة متغيرة حسب الظروف والأشخاص، قد يحدث أن تعمي الطيبة الزائدة صاحبها عن رؤيته لحقيقة مجرى الأمور، أو عدم رؤيته الحقيقة بأكملها، من باب حسن ظنه بالآخرين، واعتقاده أن جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والصدق والمحبة، ماي دفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثير من الأحيان، فمساعدة المحتاج الحقيقي تعتبر طيبة، لكن لو كان المدّعي للحاجة كاذباً فهو مستغل. لهذا علينا قبل أن نستخدم الطيبة أن نقدم عقولنا قبل عواطفنا، فالعاطفة تعتمد على الإحساس لكن العقل أقوى منها، لأنه ميزان يزن الأشياء رغم أن للقلب ألماً أشد من ألم العقل، فالقلب يكشف عن نفسه من خلال دقاته لكن العقل لا يكشف عن نفسه لأنه يحكم بصمت، فالطيبة يمكن أن تكون مقياساً لمعرفة الأقوى: العاطفة أو العقل، فالطيّب يكون قلبه ضعيفاً ترهقه الضربات في أي حدث، ويكون المرء حينها عاطفياً وليس طيباً، لكن صاحب العقل القوي يكون طيباً أكثر من كونه عاطفياً. هل الطيبة تؤذي صاحبها وتسبب عدم الاحترام لمشاعره؟ إن الطيبة المتوازنة المتفقة مع العقل لا تؤذي صاحبها لأن مفهوم طيبة القلب هو حب الخير للغير وعدم الإضرار بالغير، وعدم العمل ضد مصلحة الغير، ومسامحة من أخطأ بحقه بقدر معقول ومساعدة المحتاج ... وغيرها كثير. أما الثقة العمياء بالآخرين وعدم حساب نية المقابل وغيرها فهذه ليست طيبة، بل قد تكون -مع كامل الاحترام للجميع- غباءً أو حماقة وسلوكاً غير عقلاني ولا يمت للعقل بصلة. إن المشكلة تقع عند الإنسان الطيب عندما يرى أن الناس كلهم طيبون، ثم إذا واجهه موقف منهم أو لحق به أذى من ظلم أو استغلال لطيبته، تُغلق الدنيا في وجهه، فيبدأ وهو يرى الناس الطيبين قد رحلوا من مجتمعه، وأن الخير انعدم، وتحصل له أزمة نفسية أو يتعرض للأمراض، لأن الطيّب يقدم الإحسان للناس بكل ما يستطيع فعله، ويقدّم ذلك بحسن نية وبراءة منه، فهو بالتالي ينتظر منهم الرد بالشكر أو المعاملة باللطف على الأقل... صحيح أن المعروف لوجه الله، ولكن من باب: من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، لذلك يتأذى عندما يصدر فعل من الشخص الذي كان يعامله بكل طيب وصدق. هل الطيبة والصدق من علامات ضعف الشخصية؟ الكثير من الناس يصف طيب القلب بأنه ضعيف الشخصية، لأنه يتصف بعدم الانتقام ممن ظلمه، والصفح عنه عند رجوعه عن الخطأ، وأنه لا يحب إيقاع الآخرين بالمشاكل؛ لأنه مقتنع أن الله سيأخذ له حقه. والحقيقة هي أن الصدق والطيبة وحسن الظن بالآخرين ليست ضعف شخصية، بل هي من الأخلاق الراقية وهي تزيد صاحبها سمواً وجمالاً روحياً، وليس من المعيب أن يمتلك الإنسان الطيبة بل العيب في من لا يُقدّر هذه الطيبة ويعطيها حقها في التعامل بالمثل. فالمشكلة الأساسية ليست في الطيبة، إنما في استغلال الآخرين لهذه الطيبة، نتيجة لعدم عقلنة قراراتنا والاعتماد على عواطفنا بشكل كلي. فالصدق والطيبة حسب المنطق والعقل، ولها فوائد جمة للنفس ولعموم أفراد المجتمع، فهي تحصين للشخص عن المعاصي، وزيادة لصلة الإنسان بربه، وتهذيب للنفس والشعور بالراحة النفسية، فالصادق الطيب ينشر المحبة بين الناس، وهذا يعزّز التماسك الاجتماعي وتقويته من سوء الظنون والحقد، وهذا التعامل أكّدت عليه جميع الشرائع السماوية، ولو تأمّلنا تاريخ وأخلاق الأنبياء والأوصياء لوجدنا كل ما هو راقٍ من الأخلاق والتعامل بالطيبة والصدق... حنان الزيرجاوي

اخرى
منذ 4 سنوات
149313

لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع

يستشهد الكثير من الناس ــ وحتى بعض المثقفين ــ بقول:" لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل وعاشر نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل" على أنه من أقوال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، كما يستشهدون أيضاً بقولٍ آخر ينسبونه إليه (عليه السلام) لا يبعد عن الأول من حيث المعنى:"اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت لأن الخير فيها باق، ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت لأن الشح فيها باق"، مُسقطين المعنى على بعض المصاديق التي لم ترُق افعالها لهم، لاسيما أولئك الذين عاثوا بالأرض فساداً من الحكام والمسؤولين الفاسدين والمتسترين عل الفساد. ونحن في الوقت الذي نستنكر فيه نشر الفساد والتستر عليه ومداهنة الفاسدين نؤكد ونشدد على ضرورة تحرّي صدق الأقوال ومطابقتها للواقع وعدم مخالفتها للعقل والشرع من جهة، وضرورة التأكد من صدورها عن أمير المؤمنين أبي الأيتام والفقراء (عليه السلام) أو غيرها من المعصومين (عليهم السلام) قبل نسبتها إليهم من جهة أخرى، لذا ارتأينا مناقشة هذا القول وما شابه معناه من حيث الدلالة أولاً، ومن حيث السند ثانياً.. فأما من حيث الدلالة فإن هذين القولين يصنفان الناس الى صنفين: صنف قد سبق له أن شبع مادياً ولم يتألم جوعاً، أو يتأوه حاجةً ومن بعد شبعه جاع وافتقر، وصنف آخر قد تقلّب ليله هماً بالدين، وتضوّر نهاره ألماً من الجوع، ثم شبع واغتنى،. كما جعل القولان الخير متأصلاً في الصنف الأول دون الثاني، وبناءً على ذلك فإن معاشرة أفراد هذا الصنف هي المعاشرة المرغوبة والمحبوبة والتي تجرّ على صاحبها الخير والسعادة والسلام، بخلاف معاشرة أفراد الصنف الثاني التي لا تُحبَّذ ولا تُطلب؛ لأنها لا تجر إلى صاحبها سوى الحزن والندم والآلام... ولو تأملنا قليلاً في معنى هذين القولين لوجدناه مغايراً لمعايير القرآن الكريم بعيداً كل البعد عن روح الشريعة الاسلامية ، وعن المنطق القويم والعقل السليم ومخالفاً أيضاً لصريح التاريخ الصحيح، بل ومخالف حتى لما نسمعه من قصص من أرض الواقع أو ما نلمسه فيه من وقائع.. فأما مناقضته للقرآن الكريم فواضحة جداً، إذ إن الله (تعالى) قد أوضح فيه وبشكلٍ جلي ملاك التفاضل بين الناس، إذ قال (عز من قائل):" يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)"(1) جاعلاً التقوى مِلاكاً للتفاضل، فمن كان أتقى كان أفضل، ومن البديهي أن تكون معاشرته كذلك، والعكس صحيحٌ أيضاً. وعليه فإن من سبق حاجتُه وفقرُه شبعَه وغناه يكون هو الأفضل، وبالتالي تكون معاشرته هي الأفضل كذلك فيما لو كان تقياً بخلاف من شبع وكان غنياً ، ثم افتقر وجاع فإنه لن يكون الأفضل ومعاشرته لن تكون كذلك طالما كان بعيداً عن التقوى. وأما بُعده عن روح الشريعة الإسلامية فإن الشريعة لطالما أكدت على أن الله (سبحانه وتعالى) عادلٌ لا جور في ساحته ولا ظلمَ في سجيته، وبالتالي لا يمكن أن يُعقل إطلاقاً أن يجعل البعض فقيراً ويتسبب في دخالة الخير في نفوسهم، التي يترتب عليها نفور الناس من عشرتهم، فيما يُغني سواهم ويجعل الخير متأصلاً في نفوسهم بسبب إغنائه إياهم ليس إلا ومن ثم يتسبب في كون الخير متأصلاً في نفوسهم، وبالتالي حب الناس لعشرتهم. فإن ذلك مخالف لمقتضى العدل الإلهي لأنه ليس بعاجزٍ عن تركه ولا بمُكره على فعله، ولا محب لذلك لهواً وعبثاً (تعالى عن كل ذلك علواً كبيراً). كما إن تأصل الخير في نفوس بعض الناس ودخالته في نفوس البعض الآخر منهم بناءً على أمر خارج عن إرادتهم واختيارهم كـ(الغنى والشبع أو الجوع والفقر) إنما هو أمرٌ منافٍ لمنهج الشريعة المقدسة القائم على حرية الانسان في اختياره لسبيل الخير والرشاد أو سبيل الشر والفساد، قال (تعالى):" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)"(2) بل إن الانسان أحياناً قد يكون فقيراً بسبب حب الله (تعالى) له، كما ورد في الحديث القدسي: "أن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى فلو أفقرته لأفسده ذلك و أن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر فلو أغنيته لأفسده ذلك"(3) وهل يمكن ان نتصور أن الخيرَ دخيلٌ فيمن يحبه الله (تعالى) أو إن معاشرته لا تجدي نفعا، أو تسبب الهم والألم؟! نعم، ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"اِحْذَرُوا صَوْلَةَ اَلْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ وَ اَللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ"(4) ولا يقصد به الجوع والشبع المتعارف عليه لدى الناس، وإنما المراد منه: احذروا صولة الكريم إذا اُمتُهِن، واحذروا صولة اللئيم إذا أكرم، وفي هذا المعنى ورد عنه (عليه السلام) أيضاً: "احذروا سطوة الكريم إذا وضع و سورة اللئيم إذا رفع"(5) وأما العقل السليم والمنطق القويم فإنهما يقتضيان أن تتأصل صفة الخير في الإنسان لملكاتٍ حميدة يتسم بها وصفات فضيلة يتميز بها، لا أن تتأصل صفة الخير في نفسه لمجرد أنه ولد في أسرة تتمتع بالرفاهية الاقتصادية ووجد في بيئة تتنعم بالثروات المادية! وعند مراجعتنا للتاريخ الصحيح نجد أن قادة البشر وصفوة الناس إنما كان أغلبهم ينتمي الى الطبقات الفقيرة من المجتمع، فهؤلاء الأنبياء ورسل الله (صلوات الله عليهم) منهم من كان نجاراً أو خياطاً أو راعياً، ومع ذلك فقد كانوا من أطيب الناس خلقاً، وأعظمهم شرفاً، وأرفعهم منزلةً، قد تأصّل الخير في نفوسهم تأصّلاً حتى غدوا قطعة منه، فكانوا هم الخير للبشر، وهم الرحمة للعالمين. وبالنزول إلى أرض الواقع نجد أن الكثير من الفقراء والمساكين طيبي الروح، كريمي النفس، يتألمون لألم المحتاج ولربما يؤثرونه على أنفسهم رغم حاجتهم. ولا نقصد من كلامنا هذا أن الأغنياء هم على نقيض ذلك، وإنما تأكيداً على مسألة عدم ارتباط تأصل الخير في النفوس وعدمه بمستواهم الاقتصادي الذي نشأوا فيه ارتباط العلة والمعلول، فكما إن بعض الفقراء أخيار، فإن بعض الأغنياء كذلك، والعكس صحيح أيضاً. ومن هنا يُفهم من بعض الروايات ضرورة عدم طلب الخير والحاجات ممن هم أهل للخير بقطع النظر عن مستواهم المعاشي الحالي والسابق، منها ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"أشد من الموت طلب الحاجة من غير أهلها"(5)، وعنه (عليه السلام) أيضاً: "فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها"(6) إذن فلا صحة لهاتين المقولتين من حيث الدلالة، حتى وإن تنزلنا وحملنا الجوع والشبع على المعنى المعنوي لا المادي؛ وذلك لأنه حتى من يفتقر الى الأخلاق المعنوية فإنه ما إن يتكامل بالفضائل ويقلع عن الرذائل حتى يتسم بالخير وتحسن عشرته وتطيب للناس صحبته، والعكس صحيحٌ أيضا.. ومن البديهي أن ما لا يوافق العقل والمنطق السليم، ويخالف صريح القرآن الكريم، لا يمكن أن يصدر من وصي الرسول الكريم (صلوات الله عليهما وآلهما)، وعليه لا تصح نسبة هذين القولين الى أمير المؤمنين (عليه السلام).. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحجرات 13 (2) الانسان 3 (3) عوالي الآلي ج2 ص29 (4) غرر الحكم ج1 227 (5) المدر السابق ج1 ص246 (6) ميزان الحكمة ج4 ص 238 رضا الله غايتي

اخرى
منذ 4 سنوات
134244

المرأة في فكر الإمام علي (عليه السلام)

بقلم: أم نور الهدى كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) اهتمام خاص بالمرأة، فنراه تارة ينظر إليها كآية من آيات الخلق الإلهي، وتجلٍ من تجليات الخالق (عز وجل) فيقول: (عقول النساء في جمالهن وجمال الرجال في عقولهم). وتارة ينظر إلى كل ما موجود هو آية ومظهر من مظاهر النساء فيقول: (لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليس قهرمانة). أي إن المرأة ريحانة وزهرة تعطر المجتمع بعطر الرياحين والزهور. ولقد وردت كلمة الريحان في قوله تعالى: (فأمّا إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة النعيم) والريحان هنا كل نبات طيب الريح مفردته ريحانة، فروح وريحان تعني الرحمة. فالإمام هنا وصف المرأة بأروع الأوصاف حين جعلها ريحانة بكل ما تشتمل عليه كلمة الريحان من الصفات فهي جميلة وعطرة وطيبة، أما القهرمان فهو الذي يُكلّف بأمور الخدمة والاشتغال، وبما إن الإسلام لم يكلف المرأة بأمور الخدمة والاشتغال في البيت، فما يريده الإمام هو إعفاء النساء من المشقة وعدم الزامهن بتحمل المسؤوليات فوق قدرتهن لأن ما عليهن من واجبات تكوين الأسرة وتربية الجيل يستغرق جهدهن ووقتهن، لذا ليس من حق الرجل إجبار زوجته للقيام بأعمال خارجة عن نطاق واجباتها. فالفرق الجوهري بين اعتبار المرأة ريحانة وبين اعتبارها قهرمانة هو أن الريحانة تكون، محفوظة، مصانة، تعامل برقة وتخاطب برقة، لها منزلتها وحضورها. فلا يمكن للزوج التفريط بها. أما القهرمانة فهي المرأة التي تقوم بالخدمة في المنزل وتدير شؤونه دون أن يكون لها من الزوج تلك المكانة العاطفية والاحترام والرعاية لها. علماً أن خدمتها في بيت الزوجية مما ندب إليه الشره الحنيف واعتبره جهادًا لها أثابها عليه الشيء الكثير جدًا مما ذكرته النصوص الشريفة. فمعاملة الزوج لزوجته يجب أن تكون نابعة من اعتبارها ريحانة وليس من اعتبارها خادمة تقوم بأعمال المنزل لأن المرأة خلقت للرقة والحنان. وعلى الرغم من أن المرأة مظهر من مظاهر الجمال الإلهي فإنها تستطيع كالرجل أن تنال جميع الكمالات الأخرى، وهذا لا يعني أنها لا بد أن تخوض جميع ميادين الحياة كالحرب، والأعمال الشاقة، بل أن الله تعالى جعلها مكملة للرجل، أي الرجل والمرأة أحدهما مكمل للآخر. وأخيرًا إن كلام الإمام علي (عليه السلام) كان تكريمًا للمرأة ووضعها المكانة التي وضعها الله تعالى بها، حيث لم يحملها مشقة الخدمة والعمل في المنزل واعتبر أجر ما تقوم به من اعمال في رعاية بيتها كأجر الجهاد في سبيل الله.

اخرى
منذ 4 سنوات
88766

لا تقاس العقول بالأعمار!

(لا تقاس العقول بالأعمار، فكم من صغير عقله بارع، وكم من كبير عقله فارغ) قولٌ تناولته وسائل التواصل الاجتماعي بكل تقّبلٍ ورضا، ولعل ما زاد في تقبلها إياه هو نسبته الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكننا عند الرجوع إلى الكتب الحديثية لا نجد لهذا الحديث أثراً إطلاقاً، ولا غرابة في ذلك إذ إن أمير البلاغة والبيان (سلام الله وصلواته عليه) معروفٌ ببلاغته التي أخرست البلغاء، ومشهورٌ بفصاحته التي إعترف بها حتى الأعداء، ومعلومٌ كلامه إذ إنه فوق كلام المخلوقين قاطبةً خلا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ودون كلام رب السماء. وأما من حيث دلالة هذه المقولة ومدى صحتها فلابد من تقديم مقدمات؛ وذلك لأن معنى العقل في المفهوم الإسلامي يختلف عما هو عليه في الثقافات الأخرى من جهةٍ، كما ينبغي التطرق الى النصوص الدينية الواردة في هذا المجال وعرضها ولو على نحو الإيجاز للتعرف إلى مدى موافقة هذه المقولة لها من عدمها من جهةٍ أخرى. معنى العقل: العقل لغة: المنع والحبس، وهو (مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، والعِقال: حبل يُثنَى به يد البعير إلى ركبتيه فيشد به)(1)، (وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه)(2)؛ لذا روي عنه (صلى الله عليه وآله): "العقل عقال من الجهل"(3). وأما اصطلاحاً: فهو حسب التصور الأرضي: عبارة عن مهارات الذهن في سلامة جهازه (الوظيفي) فحسب، في حين أن التصوّر الإسلامي يتجاوز هذا المعنى الضيّق مُضيفاً إلى تلك المهارات مهارة أخرى وهي المهارة العبادية. وعليه فإن العقل يتقوّم في التصور الاسلامي من تظافر مهارتين معاً لا غنى لأحداهما عن الأخرى وهما (المهارة العقلية) و(المهارة العبادية). ولذا روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه عندما سئل عن العقل قال :" العمل بطاعة الله وأن العمّال بطاعة الله هم العقلاء"(4)، كما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)أنه عندما سئل السؤال ذاته أجاب: "ما عُبد به الرحمن، واكتسب به الجنان. فسأله الراوي: فالذي كان في معاوية [أي ماهو؟] فقال(عليه السلام): تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل"(5) والعقل عقلان: عقل الطبع وعقل التجربة، فأما الأول أو ما يسمى بـ(الوجدان الأخلاقي) فهو مبدأ الادراك، وهو إن نَما وتطور سنح للإنسان فرصة الاستفادة من سائر المعارف التي يختزنها عن طريق الدراسة والتجربة وبالتالي يحقق الحياة الإنسانية الطيبة التي يصبو اليها، وأما إن وهن واندثر لإتباع صاحبه الأهواء النفسية والوساوس الشيطانية، فعندئذٍ لا ينتفع الانسان بعقل التجربة مهما زادت معلوماته وتضخمت بياناته، وبالتالي يُحرم من توفيق الوصول إلى الحياة المنشودة. وعقل التجربة هو ما يمكن للإنسان اكتساب العلوم والمعارف من خلاله، وما أروع تشبيه أمير البلغاء (عليه السلام) العلاقة التي تربط العقلين معاً إذ قال فيما نسب إليه: رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع ولا ينفع مسموع إذ لم يك مطبــوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع(6) فقد شبّه (سلام الله عليه) عقل الطبع بالعين وعقل التجربة بالشمس، ومما لاشك فيه لكي تتحقق الرؤية لابد من أمرين: سلامة العين ووجود نور الشمس، وكما إن الثاني لا ينفع إن لم يتوفر الأول فكذلك عقل التجربة لا ينفع عند غياب عقل الطبع فضلاً عن موته. وبما إن عقل الطبع قد ينمو ويزدهر فينفع صاحبه من عقل التجربة، وقد يموت ويندثر عند الاستسلام لإضلال شبهةٍ أوبسبب إرتكاب معصية، فإنه ومن باب أولى أن يتعرض الى الزيادة والنقصان كما سيأتي... وقد ورد في النصوص الدينية أن للعقل زمناً ينمو فيه ويكتمل، فعن إمامنا أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):"يثغر الصبي لسبع، ويؤمر بالصلاة لتسع، ويفرق بينهم في المضاجع لعشر، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهى طوله لإحدى وعشرين سنة، وينتهي عقله لثمان وعشرين إلا التجارب"(7)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يربى الصبي سبعاً ويؤدب سبعاً، ويستخدم سبعاً، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة، وعقله في خمس وثلاثين [سنة] وما كان بعد ذلك فبالتجارب"(8). إذن يتوقف النمو الطبيعي لعقل الانسان عند سن الثامنة والعشرين أو الخامسة والثلاثين كما ورد في الروايتين، وأية زيادة أخرى في طاقته بعد ذلك إنما تأتي عن طريق التجارب، وقد يُتوهم بأن ثمة تعارضاً ما بين الروايتين المتقدمتين في شأن تحديد سن النمو العقلي، إلا إنه لا تعارض ينهما إذا حملنا اختلافهما فيه على اختلاف الاشخاص وتباين استعدادات وقابليات كل منهم. وعلى الرغم من توقف نمو عقل الإنسان إلا إن له أنْ يزيده بالتجارب ومواصلة التعلم ــ كما تقدم في الروايات ــ وسواء أثبت العلم هذه الحقيقة الروائية أم لا، فنحن نريد الإشارة إلى ضرورة استمرار التجربة والتعلم لزيادة نمو العقل وهذا المقدار لا خلاف فيه وعلى الرغم من إن لعمر الانسان مدخلية في زيادة عقله كما تقدم وكما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يزيد عقل الرجل بعد الاربعين إلى خمسين وستين، ثم ينقص عقله بعد ذلك"(9)، إلا إن ذلك ليس على نحو العلة التامة، إذ يمكن للعقل أن يبقى شاباً وقوياً وإن شاب الإنسان وضعف جسمه، وتقدم في السن ووهن عظمه، فالعاقل لا يشيب عقله ولا تنتقص الشيخوخة من قوته بل وقد يزداد طاقةً وحيويةً لذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"رأي الشيخ أحب الي من جَلَد الغلام"(10)، وفي أخرى ".....من حيلة الشباب "(11) وأما من لم يوفر أسباب صقل عقله في مرحلة الشباب فإنه بلا شك يضمحل عقله في مرحلة الشيخوخة. وليس تقدم العمر هو العامل الوحيد في نقصان العقل بل إن النصوص الشرعية أشارت الى عوامل عديدة اخرى أهمها: أولاً: التعلم: فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً"(13). ثانياً: التوبة: وعنه (عليه السلام) ايضاً:"من لم يرتدع يجهل"(14) ثالثاً: التقوى: فقد كتب إمامنا الباقر (عليه السلام) إلى سعد الخير: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني اوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة في المنقلب إن الله (عزوجل) يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله"(15) إذن التوبة هي سبب للتوفيق الإلهي الذي يؤدي فيما يؤدي إليه من إكمال العقل. رابعاً: الوقوف عند الشبهة: وقال (عليه السلام ): "لا ورع كالوقوف عند الشبهة"(16). فإن الوقوف عند الشبهات سبب من أسباب التوفيق الإلهي بلا شك. خامساً: الاعتراف بالجهل: كما روي عن الإمام علي (عليه السلام): "غاية العقل الاعتراف بالجهل"(17) إذ الاعتراف بالجهل يدفع الإنسان دوماً إلى مزيد من بذل الجهد واكتساب المعارف. مما تقدم تتضح جلياً صحة هذه المقولة دلالةً، إذ إن العقول فعلاً لا تقاس بالأعمار لأن كلٍاً من زيادتها ونقيصتها منوطٌ بالعديد من العوامل الأخرى والتي تقدم ذكرها، بيد إن ذلك لا يبرر التساهل في نشرها والتهاون في الاستشهاد بها على إنها من أقوال أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) لعدم ثبوت ذلك سنداً من جهة ولضعف بلاغتها وركاكة تركيبها بالنسبة إلى سيد البلغاء والبلاغة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب اللغة ج1 ص65 (2) لسان العرب ج11 ص458 (3) نهاية الحكمة ص305 (4) ميزان الحكمة ج3 ص333 (5) أصول الكافي ج1، ح3 / 11 (6) نهج السعادة ج9 ص163 (7) الكافي ج7 ص94 (8) الفقيه ج3 ص493 (9) الاختصاص ص245 (10) نهج البلاغة حكمة 86 (11) بحار الأنوار ج72 ص105 (12) المصدر السابق ج1 ص94 (13) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص118 (14) الكافي ج8 ص73 (15) وسائل الشيعة ج1 ص162 (16) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص1 بقلم الكاتبة: رضا الله غايتي

اخرى
منذ 4 سنوات
81652

الطلاق ليس نهاية المطاف

رحلةٌ مثقلة بالألم في طريق يئن من وطأة الظلم! ينهي حياة زوجية فشلت في الوصول إلى شاطئ الأمان. ويبدد طموحات أطفال في العيش في هدوء نفسي واجتماعي تحت رعاية أبوين تجمعهم المودة والرحمة والحب. الطلاق شرعاً: هو حل رابطة الزواج لاستحالة المعاشرة بالمعروف بين الطرفين. قال تعالى: [ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)].(١). الطلاق لغوياً: من فعل طَلَق ويُقال طُلقت الزوجة "أي خرجت من عصمة الزوج وتـحررت"، يحدث الطلاق بسبب سوء تفاهم أو مشاكل متراكمة أو غياب الانسجام والحب. المرأة المطلقة ليست إنسانة فيها نقص أو خلل أخلاقي أو نفسي، بالتأكيد إنها خاضت حروباً وصرعات نفسية لا يعلم بها أحد، من أجل الحفاظ على حياتها الزوجية، ولكن لأنها طبقت شريعة الله وقررت مصير حياتها ورأت أن أساس الـحياة الزوجيـة القائم على المودة والرحـمة لا وجود له بينهما. فأصبحت موضع اتهام ومذنبة بنظر المجتمع، لذلك أصبح المـجتمع يُحكم أهواءه بدلاً من الإسلام. ترى، كم من امرأة في مجتمعنا تعاني جرّاء الحكم المطلق ذاته على أخلاقها ودينها، لا لسبب إنما لأنها قررت أن تعيش، وكم من فتاة أُجبرت قسراً على أن تتزوج من رجل لا يناسب تطلعاتها، لأن الكثير منهن يشعرن بالنقص وعدم الثقة بسبب نظرة المجتمع، وتقع المرأة المطلّقة أسيرة هذه الحالة بسبب رؤية المجتمع السلبيّة لها. وقد تلاحق بسيل من الاتهامات وتطارد بجملة من الافتراءات. وتعاني المطلقة غالباً من معاملة من حولها، وأقرب الناس لها، بالرغم من أن الطلاق هو الدواء المر الذي قد تلجأ إليه المرأة أحياناً للخلاص من الظلم الذي أصبح يؤرق حياتها الزوجية، ويهدد مستقبلها النفسي، والله تعالى لم يشرع أمراً لخلقه إلا إذا كان فيه خير عظيم لهم، والطلاق ما شرّع إلا ليكون دواء فيه شفاء وإن كان مرّاً، وإن كان أمره صعباً على النفوس، حيث قال عز وجل: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"، روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق) (٢). ورغم أن الشريعة الإسلامية أباحت الطلاق بشروط تلاءم لبناء المجتمع، وأولت أهمية في الإحسان دائمًا للطرف الأضعف والأكثر خسارة في هذه المعادلة وهي "المرأة"، إلا أن المجتمع الذي يدّعي الإسلام لا يرحمها، ويحكم عليها بالإدانة طوال حياتها دون النظر في صحة موقفها في الطلاق من عدمه! قال( تعالى ): [الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] (٣). ولكن بعد كل هذا فالحياة لم ولن تتوقف بعد الطلاق! الطلاق ليس نهاية الحياة. - أخيتي. ليكن الطلاق بداية جديدة لحياة جديدة وللانطلاق. -قطار العطاء لن يتعطل. فإن كنت السبب في الطلاق فالحمد لله على كل حال وتلك أمة قد خلت وأيام ذهبت وانجلت فلست بالمعصومة من الخطأ. وعليك استدراك الأخطاء وتقوية مواطن الضعف في شخصيتك، واجعليها درساً مفيداً في الحياة لتطوير نفسك وتقويتها. وإذا كنتِ مظلومة فهناك جبار يُحصي الصغير والكبير وسيأتي يوم ينتصر لك فيه. -ومن الجميل أن تعطي نفسك الإحساس بالحب والاحترام، ولا تتأثري بأي نظرة سلبية من المجتمع وكون البعض يتعامل مع المطلقة على أنها حالة خاصة فعليكِ إثبات ذاتك حتى تفرضي على الكل شخصيتك. - نظرتك لنفسك اجعليها نظرة ايجابية مشرقة ولا تنزلقي في مستنقع نبذ الذات وظلم النفس. - ابحثي عن الصفات الجيدة فيك فإن ذلك سيشعرك بالثقة في ذاتك والتقدير لها. -حاولي مراجعة نفسك للخروج بإيجابيات حصلت لك من طلاقك. - خالطي الآخرين وإياك والعزلة بسبب وضعك الجديد فلست بأول من يبتلى بالطلاق. -استمتعي بالموجود ولا تتعلقي بالمفقود، حلقي بروح تعبق أملاً وتفاؤلاً، استمتعي بما وهبك الله من نعم (صحة وأولاد وأهل وصديقات وعمل وهوايات وغيرها من الأمور الجميلة) فما حصل لك حصل… ولابد أن تتقبليه برضا، وأعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. وقال أصدق من قال: ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم). فالرضا سر السعادة الحقيقي. - اقتربي من صديقاتك الصالحات، واقضي معهن وقتاً طيباً تنسين به ألمك وحزنك. - احرصي على الصلوات وقراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار وأكثري من الطاعات قدر ما تستطيعين، ففيها السلوى والفرح والسعادة. ونعم سعادة القرب من الرحمن. - اشغلي نفسك بأعمال البر والإحسان بمساعدة محتاج. بكفالة يتيم. بتعلم الفقه والقرآن وتعليمه. - اجتهدي في عمل برنامج يومي لك يكون ممتلأ بكل ما هو مفيد لك. من قراءة وزيارة الأصدقاء وصلة الرحم. بحيث لا تكون هناك دقيقة أنت فارغة فيها. - وأسرعي بقاربك الجميل بمجذافين من إيمان بالله وثقة بالنفس وسوف تصلين بإذن الله نحو جزيرة السعادة والنجاح. لكي تتسلق جبال الإنجاز، وتصل لأعلى مراتب الاعجاز. وعندها جزماً سيكون للحياة معنى آخر. --------------------------------- (١)-سورة البقرة الآية (٢٢٦-٢٢٧). (٢)-الكافي (٢)-سورة البقرة الآية (٢٢٨) حنان ستار الزيرجاوي

اخرى
منذ 4 سنوات
79498

أقوال كاذبة النسبة

انتشرت بين الناس في برامج التواصل الاجتماعي والمنتديات والمواقع الالكترونية الكثير من المقولات المنسوبة للإمام علي بن ابي طالب( عليه السلام )، وهي روايات كاذبة ومنسوبة ولا يوجد لها دلالة في الكتب الحديثية. ومنها هذه المقولة: - [يقول علي بن ابي طالب عليه السلام : كنت اطلب الشيء من الله ... فإن اعطاني اياه كنت افرح مره واحده . وإن لم يعطيني اياه كنت افرح عشر مرات . لأن الاولي هي اختياري ، أما الثانية هي اختيار الله عز وجل ] هذه المقولة كذب لا أصل لها ولا دلالة. فلم أجد لها سنداً في الكتب الحديثية أبداً. اما من حيث المعنى فهي مخالفة للقرآن وللاحاديث النبوية وروايات اهل البيت عليهم السلام، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى أمر بالدعاء وضمن الاستجابة حتى ولو بعد حين. قال تعالى في محكم كتابه العزيز : (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ). - روي عن رسول الله( صلى الله عليه وآله) أنه قال: «افزعوا إلى الله في حوائجكم ، والجأوا إليه في ملماتكم ، وتضرعوا إليه ، وادعوه؛ فإن الدعاء مخ العبادة وما من مؤمن يدعو الله إلا استجاب؛ فإما أن يعجله له في الدنيا ، أو يؤجل له في الآخرة ، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا؛ ما لم يدع بماثم» (١) . تأملوا : (افزعوا إلى الله في حوائجكم) ، (والجأوا إليه في ملماتكم) ، (وتضرعوا إليه). إنما يستعين الانسان على قضاء حوائجه الدنيوية والاخروية بالدعاء والابتهال والتضرع الى الله سبحانه وتعالى، فإذا كان المؤمن يفرح بعدم اعطائه حاجته فلماذا يفزع وأي مؤمن علي بن ابي طالب( عليه السلام )الذي لا يطلب حاجة للدنيا . - عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام : «اكثروا من أن تدعو الله ، فإن الله يحب من عباده المؤمنين أن يدعوه ، وقد وعد عباده المؤمنين الاستجابة» (٢). إن الله يشتاق إلى دعاء عبده ، فإذا أقبل العبد بالدعاء على الله أحبه الله ، وإذا اعرض العبد عن الله كرهه الله. عن معاوية بن وهب عن ابي عبدالله الصادق عليه السلام قال : «يا معاوية ، من اعطي ثلاثة لم يحرم ثلاثة : من اعطي الدعاء اعطي الاجابة ومن اعطي الشكر اعطي الزيادة ، ومن اعطي التوكل اعطي الكفاية ؛ فان الله تعالي يقول في كتابه : (ومن يتوكل علي الله فهو حسبه). ويقول : (لئن شكرتم لأزيدنكم). ويقول : (ادعوني استجب لكم)(٣). إن بين الدعاء والاستجابة علاقة متبادلة ، وأي علاقة أفضل من أن يقبل العبد على ربه بالحاجة والطلب والسؤال ، ويقبل الله تعالى على عبده بالإجابة ويخصه بها؟ قد يؤجل الله تعالى إجابة دعاء عبده المؤمن ليطول وقوفه بين يديه، ويطول إقباله عليه وتضرعه إليه ... فإن الله يحب أن يسمع تضرع عبده ، ويشتاق إلى دعائه ومناجاته. وفي الختام نقول: الأسلوب لا يخلو من الركاكة ، و من يعرف بلاغة وفصاحة الإمام علي بن ابي طالب( عليه السلام ) يعرف أنه لم يقل هذا الكلام. فلا يجوز نشر مثل هذه المقولات المنسوبة بين المسلمين إلا لبيان أنها كلام مكذوب وموضوع ومنسوب للإمام ( عليه السلام ). لأن ديننا ومذهبنا علمنا أن نتحقق ونبحث في صحة وسند الرواية قبل نقلها . ---------------------------- (١)- بحار الانوار ٩٣ : ٢. ٣. (٢)- وسائل الشيعة ٤ : ١٠٨٦ ، ح ٨٦١٦. (٣)-خصال الصدوق ١ : ٥٠ ، المحاسن للبرقي ٣ ، الكافي : ٦ في ١١ : ٤ من جهاد النفس. حنان الزيرجاوي ينشر 3

اخرى
منذ 4 سنوات
75331